عدم إقامة الحدود الذي هو كناية عن الكراهة إلى كل منهما في حق الآخر.
وهذا من جملة المواضع التي يفارق فيها المباراة الخلع، حيث إنه يشترط هنا الكراهة من الطرفين وفي الخلع من طرف المرأة خاصة.
الثاني: المشهور بل ادعي عليه الاجماع كما صرح به المحقق في الشرائع والعلامة في جملة من كتبه وجوب اتباع المباراة بلفظ الطلاق، وأنه لا يعتد بها بدونه، مع أن المحقق في النافع وهو متأخر عن الشرائع نسب القول بذلك إلى الأكثر، وفيه إيذان بعدم تحقق الاجماع المدعى، وأنه لا دليل على ذلك إلا مجرد الشهرة.
والشيخ - رحمة الله عليه - قال في التهذيب بعد أن أورد الروايات الدالة على عدم الاتباع بالطلاق ومنها الخبر العاشر والحادي عشر قال: قال محمد بن الحسن:
الذي أعمل عليه في المباراة ما قدمنا ذكره في المختلعة، وهو أنه لا يقع بها فرقة ما لم يتبعها بطلاق، وهو مذهب جميع أصحابنا المحققين من تقدم منهم ومن تأخر، وليس ذلك منافيا لهذا الخبر الذي ذكرناه - وعنى به رواية جميل - لأن قوله " المباراة تكون من غير أن يتبعها بالطلاق " لا يفيد أنه تقع الفرقة بينهما بذلك - إلى أن قال: - ولو كان صريحا بالفرقة لكنا نحمله على ضرب من التقية كما قدمنا في باب الخلع.
وقال في الإستبصار: وهذه الأخبار أوردناها على ما رويت، وليس العمل على ظاهرها لأن المباراة ليس يقع بها فرقة من غير طلاق، وإنما تؤثر في ضرب من الطلاق في أن يقع بائنا لا يملك معه الرجعة، وهو مذهب جميع فقهاء أصحابنا المتقدمين منهم والمتأخرين لا نعلم خلافا بينهم في ذلك، والوجه فيها أن نحملها على التقية لأنها موافقة لمذهب العامة، ولسنا نعمل به، انتهى.
ويشكل أولا بعدم الدليل على ما ذكره من الأخبار المذكورة، وهي أخبار المسألة كملا، بل هي في خلافه ما بين صريح الدلالة وظاهرها، فمن الأول الخبر العاشر والحادي عشر، ومن الثاني الخبر الأول والثاني والثالث والرابع والخامس،