الرابعة: قالوا: إذا غاب الزوج عن المرأة فإن كانت غيبته بعد أن حصل التمكين من الزوجة وجب عليه النفقة واستمرت عليه مدة غيبته، وإن كانت غيبته قبل التمكين فإن اكتفينا بالعقد وجعلنا النشوز مانعا فالحكم كذلك حيث لم يثبت النشوز، وإن اعتبرنا التمكين في الوجوب شرطا أو سببا فلا نفقة لها، فلو حضرت في هذه الصورة عند عليه السلام الحاكم وبذلت التسليم والطاعة لزوجها أعلم بذلك، فإن وصل إليها وجبت النفقة حينئذ، وإن لم يفعل، فإذا مضى زمان يمكنه الوصول فيه إليها عادة فرض لها الحاكم النفقة في ماله لأن الامتناع منه.
ولو نشزت المرأة مع حضور الزوج فغاب عنها وهي كذلك ثم عادت إلى الطاعة لم تجب نفقتها إلى أن يعلم بعودها، ويمضي زمان يمكنه الوصول إليها لخروجها بالنشوز عن استحقاق النفقة، فلا تعود إلا مع تحقق التمكين.
أقول: قد عرفت مما قدمناه من التحقيق في المسألة ما في بعض هذه الشقوق من الاختلال وبعض من الاجمال، وما ذكروه من حضورها عند الحاكم على تقدير اعتبار التمكين فلا أعرف له وجها ولا ما يوجبه.
نعم الواجب عليها إعلامه، وبعد علمه بذلك فإنه يجب عليه الانفاق عليها لزوال المانع، وهو النشوز، رجع من سفره أم لم يرجع، فلو لم يرجع ولم ينفق عليها رفعت أمرها إلى الحاكم حينئذ وأخبرته بالحال ليجزي عليها النفقة من ماله.
الخامسة: لا تسقط النفقة بامتناعها عن الوطئ لعذر شرعي كالحيض وفعل الواجب أو عقلي كالمرض، وهل يفرق في الواجب بين المضيق والموسع أم لا؟
قولان، فاعتبر الشيخ والعلامة في القواعد في جواز مبادرتها إلى الواجب الموسع من الصوم إذن الزوج، ونقل عن الشيخ في موضع من المبسوط أنه اعتبر ذلك في قضاء الفريضة أيضا، وظاهر جمع منهم السيد السند في شرح النافع عدم الفرق صوما كان أو صلاة، لأصالة عدم ثبوت سلطنته عليها في فعل الواجب، وهو الأقرب، والظاهر أنه المشهور، واتفق الجميع على جواز مبادرتها إلى الصلاة