والتمكين هنا غير حاصل فهو ظاهر الورود عليه، إلا أنه يمكن أن يجاب عنه بأن التمكين الواجب على تقدير القول به إنما هو ممن له أهلية ذلك، وإن كان ظاهر كلامهم الأعم من ذلك حيث حكموا هنا بأن العلة في عدم وجوب النفقة هو عدم التمكين من حيث صغرها وعدم قابليتها، والظاهر أن ما ذكرنا أقرب، وكيف كان فقول ابن إدريس هو الظاهر من الأخبار المتقدمة المترتب فيها وجوب الانفاق على مجرد الزوجية بقول مطلق.
الثالثة: لو كانت الزوجة كبيرة والزوج صغيرا قال الشيخ في المبسوط والخلاف لا نفقة عليه، وظاهر جملة من الأصحاب منهم ابن الجنيد والمحقق في الشرائع والعلامة في المختلف والشهيد الثاني وغيرهم بل الظاهر أنه المشهور الوجوب.
قال في الشرائع (1): أما لو كانت كبيرة والزوج صغيرا قال الشيخ لا نفقة لها، وفيه إشكال منشأه تحقق التمكين من طرفها والأشبه وجوب الانفاق، إنتهى.
واستشكل في شرح النافع كلام المحقق هنا ثم قال: وقول الشيخ متجه لأنه الأصل ولا مخرج عنه.
أقول: قد عرفت بما قدمناه من التحقيق تزعزع هذا الأصل، وأنه بالبناء عليه غير حقيق، وقد بينا المخرج عنه وهو عموم الآيات والأخبار المستفيضة، فالظاهر هو ما ذهب إليه الجماعة، أما على ما اخترناه في المسألة من ترتب الوجوب على مجرد حصول الزوجية وعدم ظهور النشوز فظاهر، وأما على ما هو المشهور من اشتراط التمكين فلأنه المفروض، والأصل عدم اشتراط أمر آخر في الوجوب، وهو قابلية الزوج للاستمتاع بها.
وعلل ما ذهب إليه الشيخ بوجه عليل نقله في المسالك وأجاب عنه، على أنه مع ثبوته وصحته فبناء الأحكام الشرعية على مثله - من هذه العلل الاعتبارية والتوجيهات العقلية - مما حظرت الأخبار جوازه، كما تقدم ذكره في غير موضع.