وأما (الثاني) فلأن قيمة الشئ أقرب إليه عند تعذره، ولأن المقصود من العين ماليته، فمع تعذرها يصار إلى القيمة لأنه لا مثل له في شرع الاسلام، فكان كتعذر المثل في المثلي حيث يجب، فإنه ينتقل إلى قيمته، ولو ظهر مستحقا لغيره فالحكم فيه مع العلم والجهل كما فصل، انتهى.
أقول: والمسألة من أصلها غير خالية من شوب الاشكال لعدم النص الواضح في هذا المجال، وبناء الأحكام الشرعية على هذه التعليلات العقلية وإن اشتهر بينهم، إلا أنه محض مجازفة في أحكامه سبحانه التي استفاضت الآيات والروايات بالعلم فيها من الكتاب العزيز أو السنة المطهرة سيما مع تعارض التعليلات المذكورة وقد تقدم في بحث المهور نقل الخلاف في صحة العقد على هذه الأشياء وبطلانه وأنه على تقدير القول بالصحة فما الواجب عوض هذه الأشياء؟ على أقوال ثلاثة وليس لهم في هذه المقالة إلا مجرد العلل الاعتبارية، فكل من ذهب منهم إلى قول علله بوجه اعتباري كما هنا، والحكم عندي في الجميع مرجوع إلى صاحب الأمر صلوات الله عليه وعلى آبائه الطاهرين، وإنما نقلت مثل ذلك هنا وفي غير هذه المواضع للوقوف على مذاهب الأصحاب واحتجاجاتهم في هذه الأبواب.
الرابعة: لا خلاف في صحة بذل الفدية من المرأة فإنه مورد الآية والأخبار ومثلها وكيلها الباذل لذلك من مالها لرجوع ذلك بالآخرة إليها ولدخوله تحت الآية، أعني قوله " فلا جناح عليهما فيما افتدت به " (1) وبذل وكيلها من مالها بإذنها في معنى بذلها.
وألحق في المسالك بالوكيل الضامن له بإذنها من ماله ليرجع به عليها، قال بعد ذكر الوكيل: وكذا بذله ممن يضمن في ذمته بإذنها، فيقول للزوج طلق زوجتك على مائة وعلي ضمانها، والفرق بينه وبين الوكيل أن الوكيل يبذله من مالها بإذنها، وهذا يبذل من ماله بإذنها ليرجع عليها بما يبذله بعد ذلك، فهو في