وعن محمد بن مسلم (1) عن أبي عبد الله (عليه السلام) " في الرجل إذا خير امرأته، فقال:
إنما الخيرة لنا ليس لأحد، وإنما خير رسول الله صلى الله عليه وآله لمكان عائشة، فاخترن الله ورسوله، ولم يكن لهن أن يخيرن غير رسول الله صلى الله عليه وآله ".
قوله (عليه السلام) " وإنما الخيرة لنا " يعني باعتبار اختصاص ذلك برسول الله صلى الله عليه وآله ومنزلتهم معه واحدة. وقوله " لمكان عائشة " قيل في معناه: إنه لما لم يطلقهن بل خيرهن لأنه صلى الله عليه وآله كان يحب عائشة لحسنها وجمالها، وكان يعلم أنهن لا يخترن غيره لحرمة الأزواج عليهن. أو أن السبب الأعظم في هذه القضية كان سوء معاشرة عائشة، وقلة احترامها له صلى الله عليه وآله.
وقال الرضا (عليه السلام) في كتاب الفقه الرضوي (2) بعد أن ذكر في صدر البحث أقسام الطلاق إجمالا: وإن منه طلاق السنة وطلاق العدة وطلاق الغلام - ثم شرح هذه الأشياء كلا على حدة إلى أن قال: - وأما التخيير فأصل ذلك أن الله أنف لنبيه صلى الله عليه وآله بمقالة قالتها بعض نسائه، إلى آخر ما في عبارة الشيخ علي بن بابويه - رحمه الله - حيث إنها مأخوذة من الكتاب المذكور على ما عرفت في غير موضع مما تقدم.
عليه السلام أقول: والأقرب عندي هو القول المشهور لوجوه: (أحدها) أن مقتضى القاعدة المنصوصة - المتفق على ورودها عنهم (عليهم السلام) من عرض الأخبار مع الاختلاف بل بدونه على مذهب العامة والأخذ بخلافه - هو حمل أخبار الوقوع على التقية، ولذلك أن الشيخ أيضا حملها على ذلك، لاتفاق العامة على ما دلت هذه الأخبار عليه، ويؤيده اختلاف الأخبار باختلافهم في أحكامه من كونه طلاقا رجعيا أو بائنا ونحو ذلك.
(وثانيها) أنه مع العمل بأخبار الوقوع فإنه يلزم طرح الأخبار الدالة على العدم، إذ لا محمل لها، ومن القواعد المقررة عندهم أن إعمال الدليلين مهما