ونقل عن العلامة في التحرير أنه استقرب أن الوجوب يستقر بإرادة الوطئ وإن لم يفعل، محتجا بالآية، قال: لأن الله تعالى رتب وجوبها على العود بقوله " ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة " أي فعليهم ذلك، والأصل بقاء هذا الوجوب المترتب.
وأجيب بمنع الدلالة على الوجوب مطلقا، بل غاية ما تدل الآية عليه هو توقف التماس على الكفارة، وهذا ما ندعيه، ولو سلم الوجوب فالمراد به المقيد بقبلية التماس، والقبلية من الأمور الإضافية لا تتحقق بدون المتضايفين فما لم يحصل التماس لا يثبت الوجوب، وهذا هو المراد من الوجوب الغير المستمر وبالجملة فالقول المذكور ضعيف لا يلتفت إليه لما عرفت، والله العالم.
الثانية: المشهور بين المتقدمين وعليه كافة المتأخرين أنه لو وطأ قبل الكفارة لزمته كفارة أخرى، ولو كرر الوطئ تكررت الكفارة.
ويدل على ذلك صحيحة الحلبي (1) " قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الرجل يظاهر من امرأته ثم يريد أن يتم على طلاقها، قال: ليس عليه كفارة، قلت: فإن أراد أن يمسها؟ قال: لا يمسها حتى يكفر، قلت: فإن فعل فعليه شئ؟
فقال: إي والله إنه لآثم ظالم، قلت: عليه كفارة غير الأولى؟ قال: نعم ".
وما رواه في الكافي (2) عن أبي بصير " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): متى تجب الكفارة على المظاهر؟ قال: إذا أراد أن يواقع، قال: قلت، قال: فإن واقع قبل أن يكفر؟ قال: فقال: عليه كفارة أخرى ".
وهذه الرواية وصفها في المسالك بالصحة، ولا أعرف له وجها، فإن طريقها في الكافي عن علي الميثمي عن ابن أبي عمير عن حفص بن البختري عن أبي بصير، وطريق الكليني إلى علي الميثمي غير معلوم وعلي المذكور مجهول، وأبو بصير مشترك.