فعل محرما ولا يملك الفدية، والوجه فيه ظاهر لقيام الأدلة العقلية والنقلية بأنه " لا يحل مال امرئ إلا بإذنه " ويتحقق الاكراه عليها بتوعده إياها بما لا تحتمله أو لا يليق بحالها من ضرب وشتم ونحوهما، لا بالتقصير في حقوقها الواجبة من النفقة والقسم فتعتدي منه لذلك فإنه لا يعد إكراها، لأنه ربما يكون الحامل عليه ضعف دينه وحرصه على المال. نعم لو ظهر لها أنه إنما فعل ذلك لتفتدي منه فهو إكراه لصدق تعريفه عليه، وقد تقدم في بحث الشقاق من كتاب النكاح ما يشير إليه.
و (ثانيهما) أنه حيث يتحقق الاكراه على البذل فإن كان الواقع طلاقا كما ذكروه ويكون من قبيل الطلاق بعوض صح الطلاق خاصة وفسد البذل لعدم صحة كونه عوضا وكان له الرجعة كما في سائر أفراد الطلاق، ويحتمل بطلان الطلاق لعدم توجه القصد إليه إلا بالفدية وهي باطلة، فما قصد غير صحيح، وما هو صحيح لم يتوجه إليه قصد، وقد تقرر أن العقود بالقصود.
وإن كان الواقع خلعا وإن لم يتعرض له في العبارة المتقدمة كان باطلا، وإن قلنا إنه طلاق فلا يكون رجعيا لأن ماهيته لا تتحقق بدون صحة البذل عند الأصحاب.
الثانية: قد صرحوا - رضوان الله عليهم - بأنه لو خلعها والأخلاق ملتئمة لم يصح الخلع ولم يملك الفدية، ولو طلقها والحال هذه بعوض صح الطلاق ولا يملك العوض وله الرجعة.
أقول: أما عدم صحة الخلع في هذه الحال فظاهر، لأن من شروطها وقوع الكراهة، والفرض أنه لا كراهة كما هو المراد من التئام الأخلاق، وإذا لم يصح الخلع لم يملك الفدية، ثم إنه لا يخفى أن التعبير بالتئام الأخلاق هنا عن عدم الكراهة الموجبة لصحة الخلع إنما خرج مخرج الغالب، وذلك فإن الكراهة أمر نفسي يمكن مجامعتها لالتئام الأخلاق، فيمكن أن تكرهه وتحسن السلوك