واختصاص الطلاق بذلك مشكل.
قيل: وربما كان مستند حكمهم بذلك وتخصيص الطلاق بذلك موثقة منصور بن يونس (1) المتقدمة من حيث دلالتها على أنه طلق امرأته ولم يكن له في طلاقها نية، وإنما حمله عليه بعض أقاربه، فقال (عليه السلام) " ما بينك وبين الله فليس بشئ " وهو مشعر بقبول قوله، وفيه: إنا قد بينا أن مورد الخبر المذكور إنما هو الاكراه - بالتقريب الذي ذكرناه ذيله - وجواب الإمام (عليه السلام) له بذلك إنما هو بناء على ما نقله من القصة المتضمنة لاكراهه على الطلاق لا من حيث مجرد دعواه عدم القصد.
وبالجملة فالأظهر عدم القبول - كما هو القول الأول - إلا مع قيام القرينة على صدقه، أو كونها في عدة رجعية فيجعل ذلك بمنزلة الرجعة، والظاهر أنه لو صادقته المرأة على ذلك فهو كما ذكرنا أيضا لكون الحق منحصرا فيهما، فيعاملان بما اتفقا عليه، ويرجع أمرهما في صدقهما وكذبهما إلى الله عز وجل.
تنبيهان الأول: لا خلاف بين الأصحاب في جواز الوكالة في الطلاق الغائب، وإنما الخلاف في الحاضر، فالمشهور الجواز، وذهب الشيخ وأتباعه إلى المنع. قال في النهاية: إذا وكل الرجل غيره بأن يطلق عنه لم يقع طلاقه إذا كان حاضرا في البلد، فإن كان غائبا جاز توكيله في الطلاق. وتبعه ابن حمزة وابن البراج.
احتج الأصحاب على ما هو المشهور بينهم بأصالة صحة الوكالة، وصحة إيقاع الصيغة المشترطة في نظر الشارع، ووجود المقتضي وهو الصيغة، وانتفاع المعارض وهو اشتراط المباشرة، إذ لا تعلق لغرض الشارع في إيقاع هذا الفعل