وابرامهم - وأن بما اخترعوا لهم في الجمع بين الأخبار لا وجود لها في السنة ولا في الكتاب من حمل النواهي الكراهة والأوامر على الاستحباب، ضربوا عنها صفحا، وطووا عنها كشحا بمثل هذه التعليلات العليلة ونحوها.
تفريعات على القول بالتخيير الأول: أنه هل يكون الطلاق الواقع بالتخيير إذا اختارت نفسها طلاقا رجعيا أم بائنا؟ ظاهر عبارة ابن أبي عقيل المتقدمة أنه يكون رجعيا، وعليه تدل من أخبار التخيير المتقدمة صحيحة محمد بن مسلم المروية في الفقيه، لقوله فيها " وهو أحق برجعتها " ونحوها صحيحة الفضيل بن يسار لحكمه فيها بالموارثة التي هي فرع بقاء الزوجية، ورواية زرارة لقوله فيها " وهو أحق برجعتها قبل أن تنقضي عدتها ".
وقيل: إنها تكون بائنة، وعليه تدل من الأخبار المذكورة رواية الصيقل، لقوله فيها " فإن اختارت نفسها فقد بانت منه، وهو خاطب من الخطاب " ورواية زرارة الأخرى لقوله فيها " إذا اختارت نفسها فهي تطليقة بائنة، وهو خاطب من الخطاب " ورواية بريد [يزيد] الكناسي، وهي أصرح الجميع، ونحوها حسنة حمران، والظاهر أن هذا الاختلاف في هذه الأخبار منشؤه اختلاف العامة في ذلك، ولكن لا يحضرني الآن نقل مذاهبهم، إلا أنك لما عرفت أن هذه الأخبار إنما خرجت مخرج التقية وجميع ما تضمنته إنما هو من أقوالهم، فالظاهر أن منشأ هذا الاختلاف فيها هو ما ذكرناه.
وكيف كان فهو مما يوهن التمسك بها والاعتماد عليها إذ لا حاجة للجمع بينها في ذلك، فلم يبق إلا تعارضها وتساقطها.
وظاهر كلام ابن الجنيد المتقدم أن كون ذلك رجعيا أو بائنا إنما هو باعتبار أمر آخر، وهو أنه إن كان التخيير بعوض كان بائنا، كالطلاق بالعوض وإلا كان رجعيا.