في وجوب الانفاق من الاجمال، وعدم ظهور معنى يترتب عليه الخلاف في هذا المجال، فإنه إن كان عبارة عن أن تبذل نفسها وتعرض نكاحها عليه فهو لا يكون إلا بالقول الذي تقدم، وقد عرفت أنه خلاف المشهور، وإن كان عبارة عن إجابتها له متى طلب وتسليم نفسها متى أراد من غير تعلل ولا توقف على زمان ولا مكان - كما هو ظاهر تعريف المحقق المتقدم مع تعريفه بالتخلية بينها وبينه - فهو حاصل في هذه الصورة المفروضة، ولا ثالث لهذين المعنيين، فإنه متى لم يطالبها الزفاف ولم يطلب الدخول بها وهي منتظرة له في ذلك فالتمكين حاصل، وإنما حصل التأخير بسببه، إلا أن يقولوا بأنه يجب عليها أن تخرج من بيتها وتمضي إليه وتطالبه بالدخول، أو تقول له ذلك القول المتقدم، وهو ظاهر البطلان.
وبالجملة فإن كلامهم في تحقق معنى هذا لتمكين الذي ادعوه غير منقح ولا موجه كما لا يخفى على المتأمل بعين الانصاف.
الثانية: لو كانت الزوجة صغيرة يحرم جماعها فالمشهور أنه لا نفقة لها لعدم تحقق التمكين من جانبها من حيث عدم صلاحيتها لذلك عادة.
وقال ابن إدريس (1): إذا كانت الزوجة صغيرة والزوج كبير وجب عليه نفقتها لعموم وجوب النفقة على الزوجة، ودخوله مع العلم بحالها، وهذه ليست ناشزا والاجماع منعقد على وجوب النفقة على الزوجات.
واعترضه السيد السند في شرح النافع فقال - بعد نقل كلامه -: وفي ثبوت ما ادعاه من العموم نظر، وفي الاجماع منع، مع أنه - رحمه الله - يعتبر في وجوب النفقة التمكين، لا انتفاء النشوز، والتمكين لا يتحقق مع الصغر، انتهى.
أقول: أما قوله " إن في ثبوت ما ادعاه من العموم نظر " فهو محل نظر لما عرفت من ظاهر الآيات والأخبار الدالة على وجوب النفقة مع تحقق الزوجية من غير تقييد بحال ولا زمان. نعم ما أورده عليه من أنه قائل بشرطية التمكين