الرابع: اعلم أنه قد تكرر في كلام الأصحاب - رضوان الله عليهم - ذكر طلاق الفدية والطلاق بعوض، وأنه تقع به البينونة كما تقع بالخلع، ولم أقف في الأخبار على أثر لهذا الفرد، والموجود فيها إنما هو الخلع والمباراة.
إلا أن ظاهر الأصحاب من غير خلاف يعرف إلا من شيخنا الشهيد الثاني أنه هذا الفرد الذي ذكروه لا يخرج عن الخلع أو المباراة، فهو أمر كلي شامل لكل منهما، فهو أعم من كل منهما، وليس بخارج عنهما، بل هو منحصر فيهما لا وجود له في مادة غيرهما لاشتراطه بالكراهة المشترطة فيها، فإن كانت من الزوجة خاصة فهو خلع، وإن كانت منهما معا فهو مباراة، ولما كان أعم من كل منهما فهو لا ينصرف إلى واحد منهما إلا بالنية والقصد واجتماع شرائط ذلك المقصود، فحيث يطلق فإن قصد به الخلع واجتمعت شرائطه وقع خلعا، وإن قصد به المباراة واجتمعت شرائطها وقع مباراة، ومع الاطلاق يقع البينونة به ويجوز انصرافه إلى ما اجتمع شرائطه منهما، ولو انتفت شروط كل منهما كما لو انتفت الكراهة بالكلية فهل يقع باطلا من أصله أو صحيحا رجعيا؟ قولان، يأتي الكلام فيهما إن شاء الله تعالى.
ولم نقف على خلاف لما ذكرناه في كلام الأصحاب إلا لشيخنا المتقدم ذكره، فإنه ذهب إلى أن الطلاق بعوض - وهو طلاق الفدية - خارج عن الخلع والمباراة لاشتراطهما بالكراهة وعدم اشتراطه بها، فعنده تحصل البينونة وإن لم يكن ثمة كراهة. ولم يسبق إليه غير سابق ولا لحقه فيه لاحق من أصحابنا - رضوان الله عليهم - وادعى دلالة الأخبار عليه، مع أنها في الدلالة على خلافه أوضح، ويأتي على قوله المذكور أن الطلاق بعوض من غير كراهة بالكلية تقع به البينونة وقد صرح بما ذكرناه عنه في غير موضع من شرحه المسالك.
وفي شرح اللمعة قال - قدس سره - في شرح قول المصنف في الشرائع " ويقع الطلاق من الفدية بائنا وإن انفرد عن لفظة الخلع " ما صورته: إذا وقع