المؤمنين القائمين مقامه في تولي بعض الأمور الحسبية القيام بذلك، وتخرج الآيات والأخبار الدالة على نفي الضرر والحرج والضيق في هذا الدين شاهدا على ذلك.
وكيف كان فإن ما ذكرناه إن لم يكن أرجح فلا أقل أن يكون مساويا لما ذكروه في الاحتمال من الأخبار.
وأما الخبران اللذان ذكرهما فالظاهر أنهما من أخبار العامة لعدم وجودهما في أخبارنا، وبهما يظهر قرب ما احتملناه في رواية السكوني من حملها على التقية مضافا إلى نقل القول عنهم.
الرابعة: قال في المسالك أيضا: لا فرق في المفقود بين من اتفق فقده في جوف البلد أو في السفر وفي القتال، وما إذا انكسرت سفينة ولم يعلم حاله، لشمول النص لذلك كله وحصول المعنى، ولا يكفي دلالة القرائن على موته بدون البحث، إلا أن تنضم إليها أخبار من يتاخم قوله العلم بوفاته، فيحكم بها حينئذ من غير أن تتربص به المدة المذكورة، ولا فرق حينئذ بين أن يحكم الحاكم بموته وعدمه، بل إذا ثبت ذلك عندها جاز لها التزويج ولم يجز لغيرها أن يتزوجها إلا أن يثبت عنده ذلك أيضا، ولو حكم الحاكم بها كفى في حق الزوج بغير إشكال.
أقول: في فهم ما ذكره من الاطلاق في الفقد وشموله لهذه الأفراد المعدودة من النصوص نظر، فإن ظاهر الأخبار المتقدمة تخصيص الحكم بالسفر إلى قطر من الأقطار، أو مطلقا من غير معلومية أرض مخصوصة، وأنه يكتب أو يرسل في الفحص عنه إلى ذلك القطر أو في الجوانب الأربعة أو بعضها مما يعلم أو يظن السفر إليه، وأما الفقد في البلد أو في معركة القتال أو السفينة التي انكسرت في البحر فلا يكاد يشم له رائحة من هذه الأخبار، بل ربما كانت ظاهرة في خلافه، إذ لا يتحقق الفحص في شئ من هذه المواضع المعدودة، وأيضا فإنه بالنسبة إلى هذه الأفراد المعدودة فلتدل القرائن الموجبة للعلم العادي على الموت، بخلاف مجرد السفر إلى بلد وفقد خبره، والفرق بين الأمرين ظاهرين غاية الظهور لمن