ويمكن حمله على الاستحباب والاحتياط.
وبالجملة فإن ما ذكرنا من الاكتفاء بالمعرفة الاجمالية هو الذي جرى عليه مشايخنا الذي عاصرناهم وحضرنا مجالس طلاقهم كما حكاه هو أيضا عما اشتهر في زمانه، وأما ما ادعاه - رحمه الله - فلم أقف له على موافق، ولا دليل يعتمد عليه، ولم أقف لأحد من أصحابنا على بحث في هذه المسألة سوى ما نقلناه عنه، وقد عرفت ما فيه.
المسألة الثانية: المشهور بين الأصحاب اعتبار العدالة في الشاهدين، وعليه يدل ظاهر الآية، وهو قوله تعالى " ذوي عدل منكم " (1) والتقريب فيها أن الخطاب للمسلمين، فالاسلام مستفاد من قوله منكم، ويبقى اعتبار العدالة أمرا زائدا على الاسلام، فلا يكفي مجرد الاسلام كما ادعاه جملة من الأعلام، أولهم الشيخ في بعض كتبه. وقد وافق على الاستدلال بالآية شيخنا الشهيد الثاني في المسالك في هذا الكتاب وإن خالف نفسه في كتاب الشهادات فارتكب التأويل فيها بما يخرجها عن الاستدلال لها بما لا يخفى ضعفه على المتأمل في هذا المقال.
ومن الأخبار الدالة على ما ذكرناه من اشتراط العدالة قول الصادقين (عليهما السلام) في صحيحة الفضلاء " (2) وإن طلقها في استقبال عدتها طاهرا من غير جماع، ولم يشهد على ذلك رجلين عدلين فليس طلاقه إياها بطلاق ".
وقول أبي جعفر (عليهما السلام) في حسنة بكير وغيره (3) " وإن طلقها للعدة بغير شاهدي عدل فليس طلاقه بطلاق ".
وقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في رواية محمد بن مسلم (4) " أشهدت رجلين عدلين كما أمر الله عز وجل؟ فقال: لا، فقال: اذهب فإن طلاقك ليس بشئ ".