بطوله لتطلع على العلة فيما ذكروه، وأن منشأ الحكم بما ذكروه إنما هو هذه الوجوه الاعتبارية والتخريجات الفكرية التي لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية، سيما مع ظهور الأدلة في خلافها، فإن إطلاق أخبار الباب أظهر ظاهر في استحقاق الفدية والبينونة بعد حصول الكراهة، وبذل المرأة لما بذلته، وسواء قالت اخلعني أو طلقني على كذا أو لم تقل، وسواء قال هو خلعتك على كذا أو طلقتك على كذا أو نحو ذلك الألفاظ الدالة على هذا المعنى، بل ولو لم يقل شيئا كما سمعته من كلام جميل في حديثه (1)، وقوله للزوج " ما تقول رضيت بهذا الذي أخذت وتركتها؟ فقال: نعم، فقال لهم جميل: قوموا " فإنه جعل جواب الرجل عما سأله وقبوله لما ذكره هو الخلع كما هو ظاهر، والرجل المذكور من أجلاء فقهاء الأصحاب المعاصرين للأئمة الأطياب، وهو ظاهر في أنه لم يفهم من الأئمة صلوات الله عليهم في هذه المسألة أزيد من هذا، فلو كان لهذه الشروط التي قرروها والاعتبارات التي اعتبروها أصل في الحكم لما أهملها وحكم بخلافها، ولهذا لما سئل عن الاتباع بالطلاق الذي هو أحد القولين في المسألة وعليه دل بعض الأخبار نفاه عملا بتلك الأخبار الدالة على نفيه.
وبالجملة فإن جميع ما ذكروه في هذه الفروع إنما جروا فيه على هذه التعليلات الاعتبارية التي لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية سيما مع ظهور الأخبار في عدمها كما أوضحناه، والله العالم بحقائق أحكامه ونوابه القائمون بمعالم حلاله وحرامه.
المقام الثاني في الفدية:
ومنه مسائل: الأولى: قد صرح الأصحاب بأن كلما يصح أن يكون مهرا يصح أن يكون فدية في الخلع، وأنه لا تقدير له في جانب الكثرة، وقد تقدم في بحث المهر أن كلما يملكه المسلم من عين أو دين أو منفعة يصح كونه مهرا إذا