والثاني: من يعادي الله، كقولك: من يجانب الله ورسوله، أي: يكون في حد، والله ورسوله في حد.
قوله تعالى: (فأن له نار جهنم) قرأ الجمهور: " فأن " بفتح - الهمزة وقرأ أبو رزين، وأبو عمران، وابن أبي عبلة: بكسرها، فمن كسر فعلى الاستئناف بعد الفاء، كما تقول: فله نار جهنم.
ودخلت " إن " مؤكدة. ومن قال: " فإن له " فإنما أعاد " أن " الأولى توكيدا، لأنه لما طال الكلام، كان إعادتها أوكد.
يحذر المنافقون أن تنزل عليهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم قل استهزؤا إن الله مخرج ما تحذرون (64) قوله تعالى: (يحذر المنافقون) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المنافقين كانوا يعيبون رسول الله [صلى الله عليه وسلم] فيما بينهم، ويقولون: عسى الله أن لا يفشي سرنا فنزلت هذه الآية، قاله مجاهد.
والثاني: أن بعض المنافقين قال: لوددت أني جلدت مائة جلدة، ولا ينزل فينا شئ يفضحنا، فنزلت هذه الآية، قاله السدي.
والثالث: أن جماعة من المنافقين وقفوا للنبي [صلى الله عليه وسلم] في ليلة مظلمة عند مرجعه من تبوك ليفتكوا به، فأخبره جبريل عليه السلام، ونزلت هذه الآية، قاله ابن كيسان.
وفي قوله: [تعالى]: (يحذر المنافقون) قولان:
أحدهما: أنه إخبار من الله عز وجل عن حالهم، قاله الحسن، وقتادة واختاره ابن القاسم.
والثاني: أنه أمر من الله عز وجل لهم بالحذر، فتقديره: ليحذر المنافقون، قاله الزجاج. قال ابن الأنباري: والعرب ربما أخرجت الأمر على لفظ الخبر، فيقولون: يرحم الله المؤمن، ويعذب الكافر، يريدون: ليرحم وليعذب، فيسقطون اللام، ويجرونه مجرى الخبر في الرفع، وهم لا ينوون إلا الدعاء، والدعاء مضارع للأمر.
قوله تعالى: (قل استهزئوا) هذا وعيد خرج مخرج الأمر تهديدا. وفي قوله [تعالى]: (إن الله مخرج ما تحذرون) وجهان: