والثالث: مثل الثاني، إلا أنهم جعلوا " وعن أيمانهم " من قبل الحق أصدهم عنه، " وعن شمائلهم) من قبل الباطل أردهم إليه، قاله مجاهد، والسدي.
والرابع: (من بين أيديهم) من سبيل الحق، (ومن خلفهم) من سبيل الباطل، (وعن أيمانهم) من قبل آخرتهم، " وعن شمائلهم " من أمر الدنيا، قاله أبو صالح.
والخامس: (من بين أيديهم) وعن أيمانهم " من حيث يبصرون، (ومن خلفهم) " وعن شمائلهم " من حيث لا يبصرون، نقل عن مجاهد أيضا.
والسادس: أن المعنى: لأتصرفن لهم في الإضلال من جميع جهاتهم، قاله الزجاج، وأبو سليمان الدمشقي. فعلى هذا، يكون ذكر هذه الجهات، للمبالغة في التأكيد.
والسابع: (من بين أيديهم) فيما بقي من أعمارهم، فلا يقدمون فيه على طاعة، " ومن خلفهم " فيما مضى من أعمارهم، فلا يتوبون فيه من معصية، (وعن أيمانهم) من قبل الغنى، فلا ينفقونه في مشكور، " وعن شمائلهم " من قبل الفقر، فلا يمتنعون فيه من محظور، قاله الماوردي.
قوله تعالى: (ولا تجد أكثرهم شاكرين) فيه قولان:
أحدهما: موحدين، قاله ابن عباس.
والثاني: شاكرين لنعمتك، قاله مقاتل. فإن قيل: من أين علم إبليس ذلك؟ فقد أسلفنا الجواب عن هذا في سورة (النساء).
قال أخرج منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين (18) ويا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين (19) قوله تعالى: (قال اخرج منها مذؤوما) وقرأ الأعمش: " مذوما " بضم الذال من غير همز.
قال الفراء: الذأم: الذم، يقال: ذأمت الرجل، أذأمه ذأما، وذممته، أذمه ذما، وذمته، أذيمه ذيما، ويقال: رجل مذؤوم، ومذموم، ومذيم، بمعنى. قال حسان بن ثابت:
وأقاموا أبي حتى أبيروا جميعا * في مقام وكلهم مذؤوم قال ابن قتيبة: المذؤوم: المذموم بأبلغ الذم. والمدحور: المقصى المبعد. وقال الزجاج: معنى المذؤوم كمعنى المذموم، والمدحور: المبعد من رحمة الله. واللام من