إذ يريكهم الله في منامك قليلا ولو أراكهم كثيرا لفشلتم ولتنازعتم في الأمر ولكن الله سلم إنه عليم بذات الصدور (43) قوله تعالى: (إذا يريكهم الله في منامك قليلا) فيه قولان:
أحدهما: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم رأى عسكر المشركين في المنام قبل لقائهم في قلة، قاله أبو صالح عن ابن عباس. قال مجاهد: لما أخبر أصحابه بأنه رآهم في المنام قليلا، كان ذلك تثبيتا لهم.
قال أبو سليمان الدمشقي: والكلام متعلق. بما قبله، فالمعنى: وإن الله لسميع لما يقوله أصحابك، عليم بما يضمرونه، إذ حدثتهم بما رأيت في منامك.
والثاني: إذ يريكهم الله بعينك التي تنام بها، قاله الحسن. قال الزجاج: وكثير من النحويين يذهبون إلى هذا المذهب. ومعناه عندهم: إذ يريكهم الله في موضع منامك، أي:
بعينك، ثم حذف الموضع، وأقام المنام مقامه.
قوله تعالى: (لفشلتم) أي: لجبنتم وتأخرتم عن حربهم. وقال مجاهد: لفشل أصحابك، ولرأوا ذلك في وجهك.
قوله تعالى: (ولتنازعتم في الأمر) أي: لاختلفتم في حربهم، فكان ذلك من دواعي هزيمتكم، (ولكن الله سلم) من المخالفة والفشل.
وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا ويقللكم في أعينهم ليقضي الله أمرا كان مفعولا وإلى الله ترجع الأمور (44) قوله تعالى: (وإذ يريكموهم إذ التقيتم في أعينكم قليلا) قال مقاتل: صدق الله رؤيا رسوله التي أخبر بها المؤمنين عن قلة عدوهم قبل لقائهم، بأن قللهم وقت اللقاء في أعينهم. وقال ابن مسعود: لقد قلوا في أعيننا، حتى قلت لرجل إلى جانبي: أتراهم سبعين؟ قال: أراهم مائة، حتى أخذنا رجلا منهم، فسألناه، فقال: كنا ألفا. قال أبو صالح عن ابن عباس: استقل المسلمون المشركين، والمشركون المسلمين، فاجترأ بعضهم على بعض.
فإن قيل: ما فائدة تكرير الرؤية هاهنا. وقد ذكرت في قوله [تعالى]: (إذ يريكهم الله)؟ فعنه جوابان: