بان فيه الحق من الباطل، والأمر من النهي، والحلال من الحرام.
(والذين آتيناهم الكتاب) فيهم قولان:
أحدهما: علماء أهل الكتابين، قاله الجمهور.
والثاني: رؤساء أصحاب النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كأبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وأشباههم، قاله عطاء.
قوله تعالى: (يعلمون أنه منزل) قرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم: " منزل " بالتشديد، وخففها الباقون.
وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم (115) قوله تعالى: (وتمت كلمة ربك) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، ونافع: " كلمات " على الجمع، وقرأ عاصم، وحمزة، والكسائي، ويعقوب، " كلمة " على التوحيد، وقد ذكرت العرب الكلمة، وأرادت الكثرة، يقولون: قال قس في كلمته، أي: في خطبته، وزهير في كلمته، أي: في قصيدته. وفي المراد بهذه الكلمات ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها القرآن، قاله قتادة.
والثاني: أقضيته وعداته.
والثالث: وعده ووعيده وثوابه وعقابه. وفي قوله [تعالى]: (صدقا وعدلا) قولان:
أحدهما: صدقا فيما أخبر، وعدلا فيما قضى وقدر.
والثاني: صدقا فيما وعد وأوعد، وعدلا فيما أمر ونهى. وفي قوله: (لا مبدل لكلماته) قولان:
أحدهما: لا يقدر المفترون على الزيادة فيها والنقصان منها.
والثاني: لا خلف لمواعيده، ولا مغير لحكمه.
وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله إن يتبعون إلا الظن وإن هم إلا يخرصون (116) قوله تعالى: (وإن تطع أكثر من في الأرض) سبب نزولها: أن الكفار قالوا للمسلمين:
أتأكلون ما قتلتم، ولا تأكلون ما قتل ربكم؟ فنزلت هذه الآية، ذكره الفراء والمراد به (أكثر من