مرتدفين، فأدغمت التاء في الدال فصارت مردفين لأنك طرحت حركة التاء على الراء، وإن شئت لم تطرح حركة التاء، وكسرت الراء لالتقاء الساكنين. والذين ضموا الراء، جعلوها تابعة لضمة الميم.
وقد سبق في (آل عمران) تفسير قوله [تعالى]: (وما جعله الله إلا بشرى)، وكان مجاهد يقول: ما أمد الله النبي صلى الله عليه وسلم بأكثر من هذه الألف التي ذكرت في [سورة] الأنفال وما ذكر الثلاثة والخمسة إلا بشرى، ولم يمدوا بها، والجمهور على خلافه، وقد ذكرنا اختلافهم في عدد الملائكة في [سورة] (آل عمران).
إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام (11) قوله تعالى: (إذ يغشاكم النعاس أمنة منه) قال الزجاج: " إذ " موضعها نصب على معنى:
وما جعله الله إلا بشرى، في ذلك الوقت، ويجوز أن يكون المعنى: اذكروا إذ يغشاكم النعاس.
قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " إذ يغشاكم " بفتح الياء وجزم الغين وفتح الشين وألف " النعاس " بالرفع. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " يغشيكم " بضم الياء وفتح الغين مشددة الشين مكسورة " النعاس " بالنصب. وقرأ نافع: " يغشيكم " بضم الياء وجزم الغين وكسر الشين " النعاس " بالنصب. وقال أبو سليمان الدمشقي: الكلام راجع على قوله تعالى: (ولتطمئن به قلوبكم) إذ يغشاكم النعاس. قال الزجاج: و " أمنة " منصوب: مفعول له، كقولك: فعلت ذلك حذر الشر. يقال: أمنت آمن أمنا وأمانا وأمنة. وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو المتوكل، وأبو العالية، وابن يعمر، وابن محيصن: " أمنة منه " بسكون الميم.
قوله تعالى: (وينزل عليكم من السماء ماء) قال ابن عباس: نزل النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر، وبينه وبين الماء رملة، وغلبهم المشركون على الماء، فأصاب المسلمين الظمأ، وجعلوا يصلون محدثين، وألقى الشيطان في قلوبهم الوسوسة، يقول: تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسوله، وقد غلبكم المشركون على الماء، وأنتم تصلون محدثين، فأنزل الله عليهم مطرا، فشربوا وتطهروا، واشتد الرمل حين أصابه المطر، وأزال الله رجز الشيطان، وهو وسواسه، حيث قال: قد غلبكم المشركون على الماء، وقال ابن زيد: رجز الشيطان: كيده، حيث أوقع في قلوبهم أنه ليس لكم