وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون (153) قوله تعالى: (وأن هذا صراطي مستقيما) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو:
" وأن " بفتح الألف مع تشديد النون. قال الفراء: إن شئت جعلت " أن " مفتوحة بوقوع " أتل " عليها، وإن شئت جعلتها خفضا، على معنى: ذلكم وصاكم به، وبأن هذا صراطي مستقيما. وقرأ ابن عامر بفتح الألف أيضا، إلا أنه خفف النون، فجعلها مخففة من الثقيلة، وحكم إعرابها حكم تلك. وقرأ حمزة، والكسائي: بتشديد النون مع كسر الألف. قال الفراء: وكسر الألف على الاستئناف.
وفي الصراط قولان:
أحدهما: أنه القرآن.
والثاني: الإسلام. وقد بينا إعراب قوله: " مستقيما ". فأما " السبل "، فقال ابن عباس: هي الضلالات. وقال مجاهد: البدع والشبهات. وقال مقاتل: أراد ما حرموا على أنفسهم من الأنعام والحرث. (فتفرق بكم عن سبيله) أي: فتضلكم عن دينه.
ثم آتينا موسى الكتاب تماما على الذي أحسن وتفصيلا لكل شئ وهدى ورحمة لعلهم بلقاء ربهم يؤمنون (154) قوله تعالى: (ثم آتينا موسى الكتاب) قال الزجاج: " ثم " هاهنا للعطف على معنى التلاوة، فالمعنى: أتل ما حرم ربكم، ثم أتل عليكم ما آتاه الله موسى. وقال ابن الأنباري: الذي بعد " ثم " مقدم على الذي قبلها في النية، والتقدير: ثم كنا قد آتينا موسى الكتاب قبل إنزاله القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم.
قوله تعالى: (تماما على الذي أحسن) في قوله (تعالى]: (تماما) قولان:
أحدهما: أنها كلمة متصلة بما بعدها، تقول: أعطيتك كذا تماما على كذا، وتماما لكذا، وهذا قول الجمهور.
والثاني: أن قوله: (تماما) كلمة قائمة بنفسها، غير متصلة بما بعدها، والتقدير: آتينا موسى الكتاب تماما، أي: في دفعة واحدة، لم نفرق إنزاله كما فرق إنزال القرآن، ذكره أبو سليمان الدمشقي. وفي المشار إليه بقوله: (أحسن) أربعة أقوال:
أحدها: أنه الله عز وجل. ثم في معنى الكلام قولان: