قوله تعالى: (فلا تكونن من الجاهلين) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: لا تجهل أنه لو شاء لجمعهم على الهدى.
والثاني: لا تجهل أنه يؤمن بك بعضهم، ويكفر بعضهم.
والثالث: لا تكونن ممن لا صبر له، لأن قلة الصبر من أخلاق الجاهلين.
إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله ثم إليه يرجعون (36) قوله تعالى: (إنما يستجيب الذين يسمعون) أي: إنما يجيبك من يسمع، والمراد به سماع قبول. وفي المراد بالموتى قولان:
أحدهما: أنهم الكفار، قاله الحسن، ومجاهد وقتادة، فيكون المعنى: إنما يستجيب المؤمنون، فأما الكفار، فلا يستجيبون حتى يبعثهم الله [تعالى]:، ثم يحشرهم كفارا، فيجيبون اضطرارا.
والثاني: أنهم الموتى حقيقة، ضربهم الله [تعالى] مثلا، والمعنى: أن الموتى لا يستجيبون حتى يبعثهم الله، فكذلك الذين لا يسمعون.
قوله تعالى: (ثم إليه يرجعون) يعني: المؤمنين والكافرين، فيجازي الكل.
وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه قل إن الله قادر على أن ينزل آية ولكن أكثرهم لا يعلمون (37) قوله تعالى: (وقالوا لولا نزل عليه آية من ربه) قال ابن عباس: نزلت في رؤساء قريش.
و " لولا ": بمعنى " هلا "، وقد شرحناها في سورة (النساء) وقال مقاتل: أرادوا بالآية مثل آيات الأنبياء.
وقال غيره: أرادوا نزول ملك يشهد له بالنبوة. وفي قوله تعالى: (ولكن أكثرهم لا يعلمون) ثلاثة أقوال:
أحدها: لا يعلمون بأن الله [سبحانه وتعالى] قادر على إنزال الآية.
والثاني: لا يعلمون ما عليهم من البلاء في إنزالها، لأنهم إن لم يؤمنوا بها، زاد عذابهم.
والثالث: لا يعلمون المصلحة في نزول الآية.
وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شئ ثم إلى ربهم يحشرون (38)