أحدهما: أنه اقتضى الاقتصار في حقهم على الإنذار من غير زيادة، ثم نسخ ذلك بآية السيف.
والثاني: أن معناه: لست حفيظا عليكم، إنما أطالبكم بالظواهر من الإقرار والعمل، لا بالإسرار، فعلى هذا هو محكم.
لكل نبأ مستقر وسوف تعلمون (67) قوله تعالى: (لكل نبأ مستقر) أي: لكل خبر يخبر الله به وقت يقع فيه من غير خلف ولا تأخير. قال السدي: فاستقر نبأ القرآن بما كان يعدهم من العذاب يوم بدر. وقال مقاتل: منه في الدنيا يوم بدر، وفي الآخرة جهنم.
وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره وإما ينسينك الشيطان فلا تقعد بعد الذكرى مع القوم الظالمين (68) قوله تعالى: (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) فيمن أريد بهذه الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: المشركون.
والثاني: اليهود.
والثالث: أصحاب الأهواء. والآيات: القرآن. وخوض المشركين فيه: تكذيبهم به واستهزاؤهم، ويقاربه خوض اليهود، وخوض أهل الأهواء والمراء والخصومات.
قوله تعالى: (فأعرض عنهم) أي: فاترك مجالستهم، حتى يكون خوضهم في غير القرآن.
(وإما ينسينك) وقرأ ابن عامر: " ينسينك "، بفتح النون، وتشديد السين، والنون الثانية. ومثل هذا: غرمته وأغرمته. وفي التنزيل: (فهل الكافرين أمهلهم). والمعنى: إذا أنساك الشيطان، فقعدت معهم ناسيا نهينا لك، فلا تقعد بعد الذكرى. والذكر والذكرى: واحد. قال ابن عباس: قم إذا ذكرت، والظالمون: المشركون.
وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى لعلهم يتقون (69) قوله تعالى: (وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ) في سبب نزولها ثلاثة أقوال:
أحدها: أن المسلمين قالوا: لئن كنا كلما استهزأ المشركون بالقرآن، وخاضوا فيه، فمنعناهم، لم نستطع أن نجلس في المسجد الحرام، ولا أن نطوف بالبيت، فنزلت هذه الآية.