وفي المراد بالأمانات ثلاثة أقوال:
أحدها: أنها الفرائض، قاله ابن عباس. وفي خيانتها قولان: أحدهما: تنقيصها.
والثاني: تركها والثاني: أنها الدين، قاله ابن زيد، فيكون المعنى: لا تظهروا الإيمان وتبطنوا الكفر.
والثالث: أنها عامة في خيانة كل مؤتمن، ويؤكده نزولها في ما جرى لأبي لبابة.
واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة وأن الله عنده أجر عظيم (28) يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا الله يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيأتكم ويغفر لكم والله ذو الفضل العظيم (29) قوله تعالى: (واعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة) قال ابن عباس: هذا خطاب لأبي لبابة، لأنه كانت له أموال وأولاد عند بني قريظة. فأما الفتنة، فالمراد بها: الابتلاء والامتحان الذي يظهر ما في النفس من اتباع الهوى أو تجنبه (وأن الله عنده أجر عظيم) خير من الأموال والأولاد.
قوله تعالى: (إن تتقوا الله) أي: بترك معصيته، واجتناب الخيانة لله ورسوله.
قوله تعالى: (يجعل لكم فرقانا) فيه أربعة أقوال:
أحدها: أنه المخرج، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، وبه قال مجاهد، والضحاك، وابن قتيبة، والمعنى: يجعل لكم مخرجا في الدين من الضلال.
والثاني: أنه النجاة، رواه العوفي عن ابن عباس، وبه قال قتادة، والسدي.
والثالث: أنه النصر، رواه الضحاك عن ابن عباس، وبه قال الفراء.
والرابع: أنه هدى في قلوبهم يفرقون به بين الحق والباطل، قاله ابن زيد، وابن إسحاق.
وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (30) قوله تعالى: (وإذ يمكر بك الذين كفروا) هذه الآية متعلقة بقوله: (واذكروا إذ أنتم قليل) فالمعنى: أذكر المؤمنين ما من الله به عليهم، واذكر إذ يمكر بك الذين كفروا.