عليكم " مرفوعتان، وقرأ نافع، وحفص عن عاصم، ويعقوب، والقزاز عن عبد الوارث: " فصل " بفتح الفاء، " ما حرم " بفتح الحاء، وقرأ حمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: " فصل " بفتح الفاء، " ما حرم " بضم الحاء. قال الزجاج: أي: فصل لكم الحلال من الحرام، وأحل لكم في الاضطرار ما حرم. وقال سعيد بن جبير: فصل لكم ما حرم عليكم، يعني: ما بين في (المائدة) من الميتة، والدم، إلى آخر الآية. (وإن كثيرا ليضلون بأهوائهم) يعني: مشركي العرب يضلون في أمر الذبائح وغيره، قرأ ابن كثير، وأبو عمرو: " ليضلون "، وفي (يونس): (ربنا ليضلوا) وفي (إبراهيم): (أندادا ليضلوا) وفي (الحج): (ثاني عطفه ليضل) وفي (لقمان): (ليضل عن سبيل الله بغير علم) وفي (الزمر): (أندادا ليضل) بفتح الياء في هذه المواضع الستة، وضمهن عاصم وحمزة، والكسائي، وقرأ نافع، وابن عامر: " ليضلون بأهوائهم). وفي (يونس) (ليضلوا) بالفتح، وضما الأربعة الباقية. فمن فتح، أراد: أنهم هم الذين ضلوا، ومن ضم، أراد: أنهم أضلوا. غيرهم، وذلك أبلغ في الضلال، لأن كل مضل ضال؟ وليس كل ضال مضلا.
وذروا ظاهر الإثم وباطنه إن الذين يكسبون الإثم سيجزون بما كانوا يقترفون (120) قوله تعالى: (وذروا ظاهر الإثم وباطنه) في الإثم هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الزنا، رواه أبو صالح عن ابن عباس، فعلى هذا، في ظاهره وباطنه قولان:
أحدهما: أن ظاهره: الإعلام به، وباطنه: الاستسرار به، قاله الضحاك، والسدي. قال الضحاك:
وكانوا يرون الاستسرار بالزنا حلالا.
والثاني: أن ظاهره نكاح المحرمات، كالأمهات، والبنات، وما نكح الآباء. وباطنه: الزنا، قاله سعيد بن جبير.
والثاني: أنه عام في كل إثم. والمعنى: ذروا المعاصي، سرها وعلانيتها، وهذا مذهب أبي العالية، ومجاهد، وقتادة، والزجاج. وقال ابن الأنباري: المعنى: ذروا الإثم من جميع جهاته.
والثالث: أن الإثم: المعصية، إلا أن المراد به هاهنا أمر خاص. قال ابن زيد: ظاهره هاهنا: نزع أثوابهم، إذ كانوا يطوفون بالبيت عراة، وباطنه: الزنا.
ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعمتموهم إنكم لمشركون (121) قوله تعالى: (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) سبب نزولها: مجادلة المشركين