على موسى باسم الله الأعظم أن لا يدخل المدينة، فاستجاب الله له، فوقع موسى وقومه في التيه بدعائه، فقال موسى: يا رب، بأي ذنب وقعنا في التيه؟ فقال: بدعاء بلعم. فقال: يا رب، فكما سمعت دعاءه علي، فاسمع دعائي عليه، فدعا الله أن ينزع منه الاسم الأعظم، فنزع منه.
وقيل: إنه أمر قومه أن يزينوا النساء ويرسلوهن في العسكر ليفشوا الزنا فيهم، فينصروا عليهم.
وقيل: إن موسى قتله بعد ذلك. وروى السدي عن أشياخه أن بلعم أتى إلى قومه متبرعا، فقال:
لا ترهبوا بني إسرائيل، فإنكم إذا خرجتم لقتالهم، دعوت عليهم فهلكوا، فكان فيما شاء عندهم من الدنيا، وذلك بعد مضي الأربعين سنة التي تاهوا فيها، وكان نبيهم يوشع، لا موسى.
قوله تعالى: (فانسلخ منها) أي: خرج من العلم بها.
قوله تعالى: (فأتبعه الشيطان) قال ابن قتيبة: أدركه. يقال: اتبعت القوم: إذا لحقتهم، وتبعتهم: سرت في أثرهم. وقرأ طلحة بن مصرف: " فاتبعه " بالتشديد. وقال اليزيدي: أتبعه واتبعه: لغتان. وكأن " اتبعه " خفيفة بمعنى: قفاه، و " اتبعه " مشددة: حذا حذوه. ولا يجوز أن تقول: أتبعناك، وأنت تريد: اتبعناك، لأن معناها: اقتدينا بك. وقال الزجاج: يقال: تبع الرجل الشئ واتبعه بمعنى واحد. قال الله تعالى: (فمن تبع هداي) وقال: (فأتبعهم فرعون).
قوله تعالى: (فكان من الغاوين) فيه قولان:
أحدهما: من الضالين، قاله مقاتل.
والثاني: من الهالكين الفاسدين، قاله الزجاج.
ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون (176) قوله تعالى: (ولو شئنا لرفعناه بها) في هاء الكناية في " رفعناه " قولان:
أحدهما: أنها تعود إلى الإنسان المذكور، وهو قول الجمهور، فيكون المعنى: ولو شئنا لرفعنا منزلة هذا الإنسان بما علمناه.
والثاني: أنها تعود إلى الكفر بالآيات، فيكون المعنى: لو شئنا لرفعنا عنه الكفر بآياتنا،