ليس لك عندهم ذكر ولا صفة، فأرنا من يشهد أنك رسول الله، فنزلت هذه الآية رواه أبو صالح عن ابن عباس. ومعنى الآية: قل لقريش: أي شئ أعظم شهادة؟ فإن أجابوك، وإلا فقل: الله، وهو شهيد بيني وبينكم على ما أقول.
وقال الزجاج: أمره الله تعالى أن يحتج عليهم بأن شهادة الله [عز وجل] في نبوته أكبر شهادة، وأن القرآن الذي أتى به، يشهد له أنه رسول الله، وهو قوله: (وأوحي إلي هذا القرآن لأنذركم به) ففي الإنذار به دليل على نبوته، لأنه لم يأت أحد بمثله، ولا يأتي، وفيه خبر ما كان وما يكون، ووعد فيه بأشياء، فكانت كما قال. وقرأ عكرمة، وابن السميفع، والجحدري (وأوحى إلي) بفتح الهمزة والحاء (القرآن) بالنصب، فأما " الإنذار "، فمعناه: التخويف، ومعنى (ومن بلغ) أي: من بلغ إليه هذا القرآن، فإني نذير له. قال القرظي: من بلغه القرآن فكأنما رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وكلمه. وقال أنس بن مالك: لما نزلت هذه الآية، كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وقيصر وكل جبار يدعوهم إلى الله عز وجل.
قوله تعالى: (أئنكم لتشهدون أن مع الله آلهة أخرى) هذا استفهام معناه الإنكار عليهم.
قال الفراء: وإنما قال: " أخرى " ولم يقل: " آخر " لأن الآلهة جمع، والجمع يقع عليه التأنيث، كما قال: (ولله الأسماء الحسنى). وقال: (فما بال القرون الأولى).
الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون (20) قوله تعالى: (الذين آتيناهم الكتاب) في الكتاب قولان:
أحدهما: أنه التوراة والإنجيل، وهذا قول الجمهور.
والثاني: أنه القرآن. وفي هاء (يعرفونه) ثلاثة أقوال.
أحدها: أنها ترجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قاله السدي. وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعبد الله بن سلام: إن الله قد أنزل على نبيه بمكة (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما