والثالث: " ولقد خلقناكم "، يعني آدم، " ثم صورناكم "، يعني ذريته من بعده، رواه العوفي عن ابن عباس.
والرابع: " ولقد خلقناكم "، يعني آدم، " ثم صورناكم " في ظهره، قاله مجاهد.
والخامس: " خلقناكم " نطفا في أصلاب الرجال، وترائب النساء، " ثم صورناكم " عند اجتماع النطف في الأرحام، قاله ابن السائب.
والسادس: " خلقناكم " في بطون أمهاتكم، " ثم صورناكم " فيما بعد الخلق بشق السمع والبصر، قاله معمر.
والسابع: " خلقناكم "، يعني آدم خلقناه من تراب، " ثم صورناكم "، أي: صورناه، قاله الزجاج، وابن قتيبة. قال ابن قتيبة: فجعل الخلق لهم إذ كانوا منه، فمن قال: عني بقوله " خلقناكم " آدم، فمعناه: خلقنا أصلكم، ومن قال: صورنا ذريته في ظهره، أراد إخراجهم يوم الميثاق كهيئة الذر.
والثامن: " ولقد خلقناكم " يعني الأرواح، " ثم صورناكم " يعني الأجساد، حكاه القاضي أبو يعلى في " المعتمد ". وفي " ثم " المذكورة مرتين قولان:
أحدهما: أنها بمعنى الواو، قاله الأخفش.
والثاني: أنها للترتيب، قاله الزجاج.
قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين (12) قوله تعالى: (ما منعك ألا تسجد) " ما " استفهام، ومعناها الإنكار. قال الكسائي:
" لا " ها هنا زائدة. والمعنى: ما منعك أن تسجد؟. وقال الزجاج: موصع " ما " رفع.
والمعنى أي شئ منعك من السجود؟ و " لا " زائدة مؤكدة، ومثله: (لئلا يعلم أهل الكتاب) قال ابن قتيبة: وقد تزاد " لا " في الكلام. والمعنى: طرحها لإباء في الكلام، أو جحد، كهذه الآية. وإنما زاد " لا " لأنه لم يسجد. ومثله: (أنها إذا جاءت لا يؤمنون) على قراءة من فتح " أنها "، فزاد " لا " لأنهم لم يؤمنوا، ومثله: (وحرام على قرية أهلكناها أنهم لا يرجعون).
وقال الفراء: " لا " ها هنا جحد محض، وليست بزائدة، والمنع راجع إلى تأويل القول، والتأويل: من قال لك: لا تسجد، فأحل المنع محل القول، ودخلت بعده " أن " ليدل على تأويل