الموتى، فلأن لا يؤمنوا بالكفالة التي هي قول، أولى. فالجواب: أنه لو كفلت الأشياء المحشورة، فنطق ما لم ينطق، كان ذلك آية بينة.
والثالث: أنه بمعنى المقابل، فيكون المعنى: وحشرنا عليهم كل شئ، فقابلهم، قاله ابن زيد. قال أبو زيد: يقال: لقيت فلانا قبلا وقبلا وقبلا وقبيلا [وقبليا] ومقابلة، وكله واحد، وهو المواجهة. قال أبو علي: فالمعنى في القرآن - على ما قاله أبو زيد - واحد، وإن اختلفت الألفاظ.
قوله تعالى: (ولكن أكثرهم يجهلون) فيه قولان:
أحدهما: يجهلون أن الأشياء لا تكون إلا بمشيئة الله تعالى.
والثاني: أنهم يجهلون أنهم لو أوتوا بكل آية ما آمنوا.
وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحى بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون (112) قوله تعالى: (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا) أي: وكما جعلنا لك ولأمتك شياطين الإنس والجن أعداء، كذلك جعلنا لمن تقدمك من الأنبياء وأممهم، والمعنى: كما ابتليناك بالأعداء، ابتلينا من قبلك، ليعظم الثواب عند الصبر على الأذى. قال الزجاج: " وعدو ": في معنى أعداء، و " شياطين الإنس والجن ": منصوب على البدل من " عدو "، ومفسر له، ويجوز أن يكون: " عدوا " منصوب على أنه مفعول ثان، المعنى: وكذلك جعلنا شياطين الإنس والجن أعداء لأممهم. وفي شياطين الإنس والجن ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم مردة الإنس والجن، قاله الحسن، وقتادة.
والثاني: أن شياطين الإنس: الذين مع الإنس، وشياطين الجن: الذين مع الجن، قاله عكرمة، والسدي.
والثالث: أن شياطين الإنس والجن: كفارهم، قاله مجاهد.
قوله تعالى: (يوحى) أصل الوحي: الإعلام والدلالة بستر وإخفاء. وفي المراد به هاهنا ثلاثة أقوال:
أحدها: أن معناه: يأمر.
والثاني: يوسوس.
والثالث: يشير.
وأما (زخرف القول)، فهو ما زين منه، وحسن، وموه، وأصل الزخرف: الذهب. قال أبو عبيدة: كل شئ حسنته وزينته وهو باطل، فهو زخرف. وقال الزجاج: " الزخرف " في اللغة: