قوله تعالى: (وإن تدعوهم) فيه قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الأصنام، فالمعنى: وإن دعوتم أيها المشركون أصنامكم إلى سبيل رشاد لا يتبعوكم، لأنهم لا يعقلون.
والثاني: أنها ترجع إلى الكفار، فالمعنى: وإن تدع يا محمد هؤلاء المشركين إلى الهدى، لا يتبعوكم، فدعاؤكم إياهم وصمتكم عنهم سواء، لأنهم لا ينقادون إلى الحق. وقرأ نافع " لا يتبعوكم " بسكون التاء.
إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين ألهم أرجل يمشون بها أم لهم أيد يبطشون بها أم لهم أعين يبصرون بها أم لهم آذان يسمعون بها قل ادعوا شركاءكم ثم كيدون فلا تنظرون إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين (196) قوله تعالى: (إن الذين تدعون من دون الله) يعني الأصنام (عباد أمثالكم) في أنهم مسخرون مذللون لأمر الله. وإنما قال " عباد " وقال (فادعوهم)، وإن كانت الأصنام جمادا، لما بينا عند قوله تعالى: (وهم يخلقون).
قوله تعالى: (فليستجيبوا لكم) أي: فليجيبوكم (إن كنتم صادقين) أن لكم عندهم نفعا وثوابا. (ألهم أرجل يمشون بها) في المصالح (أم لهم أيد يبطشون بها) في دفع ما يؤذي.
وقرأ أبو جعفر " يبطشون " بضم الطاء هاهنا وفي (القصص) و (الدخان). (أم لهم أعين يبصرون بها) المنافع من المضار (أم لهم آذان يسمعون بها) تضرعكم ودعاءكم؟ وفي هذا تنبيه على تفضيل العابدين على المعبودين، وتوبيخ لهم حيث عبدوا من هم أفضل منه. (قل ادعوا شركاءكم) قال الحسن: كانوا يخوفونه بآلهتهم، فقال [الله] تعالى: (قل ادعوا شركاءكم، (ثم كيدوني) أنتم وهم (فلا تنظرون) أي: لا تؤخروا ذلك. وكان ابن كثير، وعاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي يقرؤون " ثم كيدون " بغير ياء في الوصل والوقف. وقرأ أبو عمرو، ونافع في رواية ابن حماد بالياء في الوصل. وروى ورش، وقالون، والمسيبي بغير ياء في الوصل، ولا وقف.
فأما " تنظرون " فأثبت فيها الياء يعقوب في الوصل والوقف. (إن وليي الله) أي: ناصري (الذي نزل الكتاب) وهو القرآن، أي: كما أيدني بإنزال الكتاب ينصرني.
والذين تدعون من دونه لا يستطيعون نصركم ولا أنفسهم ينصرون (197)