والثاني: أن ما ظهر: أفعال الجوارح، والباطن: اعتقاد القلوب، قاله الماوردي. وفي الإثم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الذنب الذي لا يوجب الحد، قاله ابن عباس، والضحاك، والفراء.
والثاني: المعاصي كلها، قاله مجاهد.
والثالث: أنه الخمر، قاله الحسن، وعطاء. قال ابن الأنباري: أنشدنا رجل في مجلس ثعلب بحضرته، وزعم أن أبا عبيدة أنشده:
نشرب الإثم بالصواع جهارا * ونرى المتك بيننا مستعارا فقال أبو العباس: لا أعرفه، ولا أعرف الإثم: الخمر، في كلام العرب. وأنشدنا رجل آخر:
شربت الإثم حتى ضل عقلي * كذاك الإثم تذهب بالعقول قال أبو بكر: وما هذا البيت معروفا أيضا في شعر من يحتج بشعره، وما رأيت أحدا من أصحاب الغريب أدخل الإثم في أسماء الخمر، ولا سمتها العرب بذلك في جاهلية وإسلام.
فإن قيل: إن الخمر تدخل تحت الإثم، فصواب، لا لأنه اسم لها.
فإن قيل: كيف فصل الإثم عن الفواحش، وفي كل الفواحش إثم؟
فالجواب: أن كل فاحشة إثم، وليس كل إثم فاحشة، فكان الإثم كل فعل مذموم، والفاحشة:
العظيمة. فأما البغي، فقال الفراء: هو الاستطالة على الناس.
قوله تعالى: (وأن تشركوا) قال الزجاج: " أن " نصب، فالمعنى: حرم الفواحش، وحرم الشرك. والسلطان: الحجة.
قوله تعالى: (وأن تقولوا على الله مالا تعلمون) عام في تحريم القول في الدين من غير يقين.
ولكل أمة أجل فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون (34) قوله تعالى: (ولكل أمة أجل) سبب نزولها: أنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم العذاب، فأنزلت، قاله مقاتل. وفي الأجل قولان:
أحدهما: أنه أجل العذاب.
والثاني: أجل الحياة. قال الزجاج: الأجل: الوقت المؤقت. (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة) المعنى: ولا أقل من ساعة. وإنما ذكر الساعة، لأنها أقل أسماء الأوقات.