وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أو معذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون (164) قوله تعالى: (وإذ قالت أمة منهم) قال المفسرون: افترق أهل القرية ثلاث فرق، فرقة صادت وأكلت، وفرقة نهت وزجرت، وفرقة أمسكت عن الصيد، وقالت للفرقة الناهية: (لم تعظون قوما الله مهلكهم) لاموهم على موعظة قوم يعلمون أنهم غير مقلعين، فقالت الفرقة الناهية:
(معذرة إلى ربكم) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: " معذرة " رفعا، أي: موعظتنا إياهم معذرة، والمعنى أن الأمر بالمعروف واجب علينا، فعلينا موعظة هؤلاء عذرا إلى الله. وقرأ حفص عن عاصم: " معذرة " نصبا، وذلك على معنى نعتذر معذرة. (ولعلهم يتقون) أي: وجائز أن ينتفعوا بالموعظة فيتركوا المعصية.
فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون (165) فلما عتوا عن ما نهوا عنه قلنا لهم كونوا قردة خاسئين (166) وإذ تأذن ربك ليبعثن عليهم إلى يوم القيامة من يسومهم سوء العذاب إن ربك لسريع العقاب وإنه لغفور رحيم (167) قوله تعالى: (فلما نسوا ما ذكروا به) يعني: تركوا ما وعظوا به (أنجينا الذين ينهون عن السوء) وهم الناهون عن المنكر. والذين ظلموا هم المعتدون في السبت.
قوله تعالى: (بعذاب بئيس) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي: " بئيس " على وزن فعيل، فالهمزة بين الباء والياء. وقرأ نافع: " بيس " بكسر الباء من غير همز. وقرأ ابن عامر كذلك، إلا أنه همز. وروى خارجة عن نافع: " بيس " بفتح الباء من غير همز، على وزن " فعل ". وروى أبو بكر عن عاصم: " بيأس " على وزن " فيعل ". وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، وأيوب: " بيآس " على وزن " فيعال ". وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، ومعاذ القارئ: " بئس " بفتح الباء وكسر الهمزة من غير ياء على وزن " نعس ". وقرأ الضحاك، وعكرمة: " بيس " بتشديد الياء مثل " قيم ". وقرأ أبو العالية، وأبو مجلز: " بئس " بفتح الباء والسين وبهمزة مكسورة من غير ياء ولا ألف على وزن " فعل ". وقرأ أبو المتوكل، وأبو رجال: " بائس " بألف ومدة بعد الباء وبهمزة مكسورة بوزن " فاعل ". قال أبو عبيدة: البئيس: الشديد، وأنشد: