بآياتنا يؤمنون (156) الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون (157) قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيي ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبي الأمي الذي يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون (158) قوله تعالى: (واكتب لنا) أي: حقق لنا وأوجب (في هذه الدنيا حسنة) وهي الأعمال الصالحة (وفي الآخرة) المغفرة والجنة (إنا هدنا إليك) أي: تبنا، قاله ابن عباس، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبو العالية، وقتادة، والضحاك، والسدي. وقال ابن قتيبة: ومنه (الذين هادوا) كأنهم رجعوا من شئ إلى شئ. وقرأ أبو وجزة السعدي: " إنا هدنا " بكسر الهاء. قال ابن الأنباري: المعنى: لا تتغير، يقال: هاد يهود ويهيد.
قوله تعالى: (قال عذابي أصيب به من أشاء). وقرأ الحسن البصري، والأعمش، وأبو العالية: " من أساء " بسين غير معجمة مع النصب.
قوله تعالى: (ورحمتي وسعت كل شئ) في هذا الكلام أربعة أقوال:
أحدها: أن مخرجه عام ومعناه خاص، وتأويله: ورحمتي وسعت المؤمنين من أمة محمد [صلى الله عليه وسلم]، لقوله [تعالى]: (فسأكتبها للذين يتقون)، قاله ابن عباس.
والثاني: أن هذه الرحمة على العموم في الدنيا، والخصوص في الآخرة، وتأويلها: ورحمتي وسعت كل شئ في الدنيا، البر والفاجر، وفي الآخرة هي للمتقين خاصة، قاله الحسن، وقتادة.
فعلى هذا، معنى الرحمة في الدنيا للكافر أنه يرزق ويدفع عنه، كقوله في حق قارون: (وأحسن كما أحسن الله إليك).
والثالث: أن الرحمة: التوبة، فهي على العموم، قاله ابن زيد.
والرابع: أن الرحمة تسع كل الخلق، إلا أن أهل الكفر خارجون منها، فلو قدر دخولهم فيها لوسعتهم، قاله ابن الأنباري. قال الزجاج: وسعت كل شئ في الدنيا (فسأكتبها للذين يتقون) في الآخرة. قال المفسرون: معنى " فسأكتبها ": فسأوجبها. وفي الذين يتقون قولان: