بصائر من ربكم وهدى ورحمة لقوم يؤمنون (203) قوله تعالى: (وإذا لم تأتهم بآية) يعني به المشركين. وفي معنى الكلام قولان:
أحدهما: إذا لم تأتهم بآية، سألوها تعنتا، قاله ابن السائب.
والثاني: إذا لم تأتهم بآية لإبطاء الوحي، قاله مقاتل:
وفي قوله: (لولا اجتبيتها) قولان:
أحدهما: هلا افتعلتها من تلقاء نفسك، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والسدي، وابن زيد، والفراء، والزجاج، وابن قتيبة في آخرين، وحكي عن الفراء أنه قال: العرب تقول: اجتبيت الكلام، واختلقته، وارتجلته، إذا افتعلته من قبل نفسك.
والثاني: هلا طلبتها لنا قبل مسألتك؟ ذكره الماوردي، والأول أصح.
قوله تعالى: (قل إنما أتبع ما يوحى إلي من ربي) أي: ليس الأمر لي.
قوله تعالى: (هذا بصائر من ربكم) يعني القرآن. قال أبو عبيدة: البصائر بمعنى الحجج والبرهان والبيان أ واحدتها: بصيرة. وقال الزجاج: معنى البصائر: ظهور الشئ وبيانه.
وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون (204) قوله تعالى: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له) اختلفوا في نزولها على خمسة أقوال:
أحدها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة المكتوبة، فقرأ أصحابه وراءه رافعين أصواتهم، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس.
والثاني: أن المشركين كانوا يأتون رسول الله إذا صلى، فيقول بعضهم لبعض: لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه، فنزلت هذه الآية، قاله سعيد بن المسيب.
والثالث: أن فتى من الأنصار كان كلما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، قرأ هو فنزلت هذه الآية، قاله الزهري.
والرابع: أنهم كانوا يتكلمون في صلاتهم أول ما فرضت، فيجئ الرجل فيقول لصاحبه: كم صليتم؟ فيقول: كذا وكذا، فنزلت هذه الآية، قاله قتادة.