من فضله، فأخلف ما وعد، فقص الله علينا شأنه.
والثاني: أن رجلا من بني عمرو بن عوف، كان له مال بالشام، فأبطأ عنه، فجهد له جهدا شديدا، فحلف بالله لئن آتانا من فضله، أي: من ذلك المال، لأصدقن منه، ولأصلن، فأتاه ذلك المال، فلم يفعل، فنزلت هذه الآية، قاله ابن السائب عن أبي صالح عن ابن عباس: قال ابن السائب: والرجل حاطب بن أبي بلتعة.
والثالث: أن ثعلبة ومعتب بن قشير، خرجا على ملأ، فقالا: والله لئن رزقنا الله لنصدقن.
فلما رزقهما، بخلا به، فنزلت هذه الآية، قاله الحسن، ومجاهد. والرابع: أن نبتل بن الحارث، وجد بن قيس، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، قالوا: لئن آتانا الله من فضله لنصدقن. فلما آتاهم من فضله بخلوا به فنزلت هذه الآية، قاله الضحاك.
فأما التفسير، فقوله [تعالى]: (ومنهم) يعني المنافقين (من عاهد الله) أي: قال: علي عهد الله (لنصدقن) الأصل: لنتصدقن، فأدغمت التاء في الصاد لقربها منها. (ولنكونن من الصالحين) أي: لنعملن ما يعمل أهل الصلاح في أموالهم من صلة الرحم والإنفاق في الخير. وقد روى كهمس عن معبد بن ثابت أنه قال: إنما هو شئ نووه في أنفسهم، ولم يتكلموا به، ألم تسمع إلى قوله تعالى: (ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم).
فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون (76) قوله تعالى: (فلما آتاهم من فضله) أي: ما طلبوا من المال (بخلوا به) ولم يفوا بما عاهدوا (وتولوا وهم معرضون) عن عهدهم.
فأعقبهم نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون (77) ألم يعلموا أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأن الله علام الغيوب (78) قوله تعالى: (فأعقبهم) أي: صير عاقبة أمرهم النفاق. وفي الهاء والميم قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى الله، فالمعنى: جازاهم الله بالنفاق، وهذا قول ابن عباس ومجاهد.
والثاني: أنها ترجع إلى البخل، فالمعنى: اعقبهم بخلهم بما نذروا انفاقا، قاله الحسن.
قوله تعالى: (ألم يعلموا) يعني المنافقين (أن الله يعلم سرهم) وهو ما في نفوسهم