أمرهم وافتراق كلمتهم. (منهم الصالحون) وهم المؤمنون بعيسى ومحمد عليهما السلام. (ومنهم دون ذلك) وهم الكفار. وقال ابن جرير: إنما كانوا على هذه الصفة قبل أن يبعث عيسى، وقبل ارتدادهم.
قوله تعالى: (وبلوناهم) أي: اختبرناهم (بالحسنات) وهي الخير، والخصب، والعافية، (والسيئات) وهي الجدب، والشر، والشدائد، فالحسنات والسيئات تحث على الطاعة، أما النعم فطلب الازدياد منها، وخوف زوالها، والنقم فلكشفها، والسلامة منها. (لعلهم يرجعون) أي:
لكي يتوبوا.
فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيغفر لنا وإن يأتهم عرض مثله يأخذوه ألم يؤخذ عليهم ميثاق الكتاب أن لا يقولوا على الله إلا الحق ودرسوا ما فيه والدار الآخرة خير للذين يتقون أفلا تعقلون (169) قوله تعالى: (فخلف من بعدهم) أي: من بعد الذي وصفناهم. (خلف) وقرأ الجوني، والجحدري: " خلف " بفتح اللام. قال أبو عبيدة: الخلف والخلف واحد، وقوم يجعلون المحرك اللام، للصالح، والمسكن، لغير الصالح. وقال ابن قتيبة: الخلف: الردئ من الناس ومن الكلام، يقال: هذا خلف من القول. وقال ابن الأنباري: أكثر ما تستعمل العرب الخلف، بإسكان اللام، في الردئ المذموم، وتفتح اللام في الفاضل الممدوح. وقد يوقع الخلف على الممدوح، والخلف على المذموم، غير أن المختار ما ذكرناه. وفي المراد بهذا الخلف ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم اليهود، قاله ابن عباس، وابن زيد.
والثاني: النصارى.
والثالث: أن الخلف من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، والقولان عن مجاهد.
فإن قيل: الخلف واحد، فكيف قال: " يأخذون " وكذلك قال في (مريم) " أضاعوا "؟ فقد ذكر ابن الأنباري عنه جوابين:
أحدهما: أن الخلف: جمع خالف، كما أن الركب: جمع راكب، والشرب: جمع شارب.
والثاني: أي الخلف مصدر يكون للاثنين والجميع، والمذكر والمؤنث.
قوله تعالى: (ورثوا الكتاب) أي: انتقل إليهم انتقال الميراث من سلف إلى خلف، فيخرج في الكتاب ثلاثة أقوال: