فقهت الحديث أفقهه، وكل علم بشئ: فقه. ثم اختص به علم الشريعة، فقيل لكل عالم بها:
فقيه. قال المصنف. وقال شيخنا علي بن عبيد الله: الفقه في إطلاق اللغة الفهم، وفي عرف الشريعة: عبارة عن معرفة الأحكام الشرعية المتعلقة بأفعال المكلفين، بنحو التحليل، والتحريم، والإيجاب، والإجزاء، والصحة، والفساد، والغرم، والضمان، وغير ذلك. وبعضهم يختار أن يقال: الفقه: فهم الشئ وبعضهم يختار أن يقال: علم الشئ.
فليضحكوا قليلا وليبكوا كثيرا جزاء بما كانوا يكسبون (82) قوله تعالى: (فليضحكوا قليلا) لفظه لفظ الأمر، ومعناه التهديد. وفي قلة ضحكهم وجهان:
أحدهما: أن الضحك في الدنيا، لكثرة حزنها وهمومها، قليل، وضحكهم فيه أقل، لما يتوجه إليهم من الوعيد.
والثاني: أنهم إنما يضحكون في الدنيا، وبقاؤها قليل. (وليبكوا كثيرا) في الآخرة. قال أبو موسى الأشعري: إن أهل النار ليبكون الدموع في النار، حتى لو أجريت السفن في دموعهم لجرت، ثم إنهم ليبكون الدم بعد الدموع، فلمثل ما هم فيه فليبكى.
قوله تعالى: (جزاء بما كانوا يكسبون) أي: من النفاق والمعاصي.
فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج فقل لن تخرجوا معي أبدا ولن تقاتلوا معي عدوا إنكم رضيتم بالقعود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين (83) قوله تعالى: (فإن رجعك الله) أي: ردك من غزوة تبوك إلى المدينة (إلى طائفة) من المنافقين الذين تخلفوا بغير عذر. وإنما قال: (إلى طائفة) لأنه ليس كل من تخلف عن تبوك كان منافقا. (فاستأذنوك للخروج) معك إلى الغزو، (فقل لن تخرجوا معي أبدا) إلى غزاة، (إنكم رضيتم بالقعود) عني (أول مرة) حين لم تخرجوا إلى تبوك. وذكر الماوردي في قوله [تعالى]:
(أول مرة) قولين:
أحدهما: أول مرة دعيتم.
والثاني: قبل استئذانكم.
وأما الخالفون، فقال أبو عبيدة: الخالف: الذي خلف بعد شاخص، فقعد في رحله، وهو الذي يتخلف عن القوم. وفي المراد بالخالفين قولان:
أحدهما: أنهم الرجال الذين تخلفوا لأعذار، قاله ابن عباس.