وهو اختيار اللغويين. وذكر المفسرون في معنى هذا الاستغفار ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه الاستغفار المعروف، وقد ذكرناه عن ابن عباس.
والثاني: أنه بمعنى الصلاة، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس، ومنصور عن مجاهد، وبه قال الضحاك.
والثالث: أنه بمعنى الإسلام، رواه ابن أبي نجيح عن مجاهد، وبه قال عكرمة.
وما لهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وما كانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون ولكن أكثرهم لا يعلمون (34) قوله تعالى: (وما لهم ألا يعذبهم الله) هذه الآية أجازت تعذيبهم، والأولى نفت ذلك.
وهل المراد بهذا: العذاب الأول، أم لا؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه هو الأول، إلا أن الأول امتنع بشيئين.
أحدهما: كون النبي صلى الله عليه وسلم فيهم.
والثاني: كون المؤمنين المستغفرين بينهم، فلما وقع التمييز بالهجرة، وقع العذاب بالباقين يوم بدر، وقيل: بل وقع بفتح مكة.
والثاني: أنهما مختلفان، وفي ذلك قولان:
أحدهما: أن العذاب الثاني قتل بعضهم يوم بدر، والأول استئصال الكل، فلم يقع الأول لما قد علم من إيمان بعضهم، وإسلام بعض ذراريهم، ووقع الثاني.
والثاني: أن العذاب الأول عذاب الدنيا.
والثاني: أن العذاب الأول عذاب الدنيا. والثاني: عذاب الآخرة، قاله ابن عباس، فيكون المعنى: وما كان الله معذب المشركين لاستغفارهم في الدنيا، وما لهم ألا يعذبهم الله في الآخرة.
قوله تعالى: (وهم يصدون) قال الزجاج: المعنى وهم يصدون (عن المسجد الحرام) أولياءه. وفي هاء الكناية في قوله [تعالى]: (وما كانوا أولياءه) قولان:
أحدهما: أنها ترجع إلى " المسجد الحرام "، وهو قول الجمهور. قال الحسن: إن المشركين قالوا: نحن أولياء المسجد الحرام، فرد الله عليهم بهذا.
والثاني: أنها تعود إلى الله عز وجل، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
قوله تعالى: (إن أولياؤه) أي: ما أولياؤه (إلا المتقون) للشرك والمعاصي، ولكن أكثر أهل مكة لا يعلمون من الأولى ببيت الله.