المشترى، فهو كقوله [تعالى]: (من ذا الذي يقرض الله) والمراد من الكلام أن الله أمرهم بالجهاد بأنفسهم وأموالهم ليجازيهم عن ذلك بالجنة، فعبر عنه بالشراء لما تضمن من عوض ومعوض. وكان الحسن يقول: لا والله، إن في الدنيا مؤمن إلا وقد أخذت بيعته. وقال قتادة:
ثامنهم والله فأغلى لهم.
قوله تعالى: (فيقتلون ويقتلون) قرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم " فيقتلون ويقتلون " فاعل ومفعول. وقرأ حمزة، والكسائي " فيقتلون ويقتلون " مفعول وفاعل. قال أبو علي: القراءة الأولى بمعنى أنهم يقتلون أولا ويقتلون، والأخرى يجوز أن تكون في المعنى كالأولى، لأن المعطوف بالواو يجوز أن يراد به التقديم، فإن لم يقدر فيه التقديم، فالمعنى: يقتل من بقي منهم بعد قتل من قتل، كما أن قوله [تعالى]: (فما وهنوا لما أصابهم) ما وهن من بقي بقتل من قتل. ومعنى الكلام: إن الجنة عوض عن جهادهم، قتلوا أو قتلوا. (وعدا عليه قال الزجاج: نصب " وعدا " بالمعنى، لأن معنى قوله (بأن لهم الجنة): (وعدا عليه حقا)، قال: وقوله [تعالى]: (في التوراة والإنجيل) يدل على أن أهل كل ملة أمروا بالقتال ووعدوا عليه الجنة.
قوله تعالى: (ومن أوفى) أي: لا أحد أوفى بما وعد (من الله). (فاستبشروا) أي:
فافرحوا بهذا البيع.
التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين (112) قوله تعالى: (التائبون) سبب نزولها: أنه لما نزلت التي قبلها، قال رجل: يا رسول الله، وإن سرق وإن زنى وإن شرب الخمر؟ فنزلت هذه الآية، قاله ابن عباس. قال الزجاج:
يصلح الرفع هاهنا على وجوه أحدها: المدح، كأنه قال: هؤلاء التائبون، أو هم التائبون.
ويجوز أن يكون على البدل، والمعنى: يقاتل التائبون، فهذا مذهب أهل اللغة، والذي عندي أنه رفع بالابتداء، وخبره مضمر، المعنى: التائبون ومن ذكر معهم لهم الجنة أيضا وإن لم يجاهدوا إذا لم يقصدوا ترك الجهاد ولا العناد، لأن بعض المسلمين يجزئ عن بعض في الجهاد.
وللمفسرين في قوله [تعالى]: " التائبون " قولان: