علي (براءة)، قالت بنو ضمرة: ونحن مثلهم أيضا؟ قال: لا، لأن الله تعالى قد استثناكم، ثم قرأ هذه الآية. وقال مجاهد: هم قوم كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ومدة، فأمر أن يفي لهم.
قال الزجاج: معنى الكلام: وقعت البراءة من المعاهدين الناقضين للعهود، إلا الذين عاهدتم ثم لم ينقضوكم، فليسوا داخلين في البراءة ما لم ينقضوا العهد. قال القاضي أبو يعلى: وفصل الخطاب في هذا الباب: أنه قد كان بين رسول الله وبين جميع المشركين عهد عام، وهو أن لا يصد أحد عن البيت، ولا يخاف أحد في الشهر الحرام، فجعل الله عهدهم أربعة أشهر، وكان بينه وبين أقوام منهم عهود إلى آجال مسماة، فأمر بالوفاء لهم، وإتمام مدتهم إذا لم يخش غدرهم.
فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم (5) قوله تعالى: (فإذا انسلخ الأشهر الحرم) فيها قولان:
أحدهما: أنها رجب، وذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، قاله الأكثرون.
والثاني: أنها الأربعة الأشهر التي جعلت لهم فيها السياحة، قاله الحسن في آخرين، فعلى هذا، سميت حرما لأن دماء المشركين حرمت فيها.
قوله تعالى: (فاقتلوا المشركين) أي: من لم يكن له عهد (حيث وجدتموهم) قال ابن عباس: في الحل والحرم والأشهر الحرم.
قوله تعالى: (وخذوهم) أي: ائسروهم، والأخيذ: الأسير. (واحصروهم) أي:
احبسوهم، والحصر: الحبس. قال ابن عباس: إن تحصنوا فاحصروهم.
قوله تعالى: (واقعدوا لهم كل مرصد) قال الأخفش: أي على كل مرصد، فألقى " على " وأعمل الفعل، قال الشاعر:
نغالي اللحم للأضياف نيئا * ونرخصه إذا نضج القدور المعنى: نغالي باللحم، فحذف الباء كما حذف " على ". وقال الزجاج: " كل مرصد " ظرف، كقولك: ذهبت مذهبا، فلست تحتاج أن تقول في هذه الآية إلا ما تقوله في الظروف، مثل:
خلف، وقدام.