قوله تعالى: (وابن السبيل) هو المسافر المنقطع به، وإن كان له مال في بلده، قاله مجاهد، وقتادة، وأبو حنيفة، وأحمد فأما إذا أراد أن ينشئ سفرا، فهل يجوز أن يعطى؟ قال الشافعي: يجوز، وعن أحمد نحوه، وقد ذكرنا في سورة (البقرة) فيه أقوالا عن المفسرين.
قوله تعالى: (فريضة من الله) يعني أن الله افترض هذا.
فصل وحد الغني الذي يمنع أخذ الزكاة عند أصحابنا بأحد شيئين: أن يكون مالكا لخمسين درهما، أو عدلها من الذهب، سواء كان ذلك يقوم بكفايته أو لا يقوم، والثاني:
أن يكون له كفاية، إما بصنعة، أو أجرة عقار، أو عروض للتجارة يقوم ربحها بكفايته. وقال أبو حنيفة الاعتبار في ذلك أن يكون مالكا لنصاب تجب عليه فيه الزكاة. فأما ذوو القربى الذين تحرم عليهم الصدقة، فهم بنو هاشم، وبنو المطلب. وقال أبو حنيفة: تحرم على ولد هاشم، ولا تحرم على ولد المطلب. ويجوز أن يعمل على الصدقة من بني هاشم وبني المطلب ويأخذ عمالته منها، خلافا لأبي حنيفة. فأما موالي بني هاشم وبني المطلب، فتحرم عليهم الصدقة، خلافا لمالك. ولا يجوز أن يعطي صدقته من تلزمه نفقته، وبه قال مالك، والثوري. وقال أبو حنيفة والشافعي: لا يعطي والدا وإن علا، ولا ولدا وإن سفل، ولا زوجة ويعطي من عداهم.
فأما الذمي، فالأكثرون على أنه لا يجوز إعطاؤه. وقال عبيد الله بن الحسن: إذا لم يجد مسلما، أعطي الذمي. ولا يجب استيعاب الأصناف، ولا اعتبار عدد من كل صنف، وهو قول أبي حنيفة، ومالك، وقال الشافعي: يجب الاستيعاب من كل صنف ثلاثة.
فأما إذا أراد نقل الصدقة من بلد المال إلى موضع تقصر فيه الصلاة، فلا يجوز له ذلك، فإن نقلها لم يجزئه، وهو قول مالك، والشافعي. وقال أبو حنيفة: يكره نقلها، وتجزئه. قال أحمد: ولا يعطي الفقير أكثر من خمسين درهما. وقال أبو حنيفة: أكره أن يعطي رجل واحد من الزكاة مائتي درهم، وإن أعطيته أجزأك. فأما الشافعي، فاعتبر ما يدفع الحاجة من غير حد. فإن اعطى من يظنه فقيرا، فبان أنه غني، فهل يجزئ، فيه عن أحمد روايتان.
ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين