أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون (100) تلك القرى نقص عليك من أنبائها ولقد جاءتهم رسلهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كذلك يطبع الله على قلوب الكافرين (101) قوله تعالى: (أو لم يهد للذين) وقرأ يعقوب: " نهد " بالنون، وكذلك في (طه)، و السجدة) قال الزجاج: من قرأ بالياء، فالمعنى: أو لم يبين الله لهم. ومن قرأ بالنون، فالمعنى:
أو لم نبين. وقوله تعالى: (ونطبع) ليس بمحمول على " أصبناهم "، لأنه لو حمل على " أصبناهم " لكان: ولطبعنا. وإنما المعنى: ونحن نطبع على قلوبهم. ويجوز أن يكون محمولا على الماضي، ولفظه لفظ المستقبل، كما قال: (أن لو نشاء)، والمعنى: لو شئنا. وقال ابن الأنباري: يجوز أن يكون معطوفا على: أصبنا، إذ كان بمعنى نصيب، فوضع الماضي في موضع المستقبل عند وضوح معنى الاستقبال، كما قال: (تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك) أي: إن يشأ، يدل عليه قوله: (ويجعل لك قصورا) قال الشاعر:
إن يسمعوا ريبة طاروا بها فرحا * مني، وما سمعوا من صالح دفنوا أي: يدفنوا:
قوله تعالى: (فهم لا يسمعون) أي: لا يقبلون، ومنه: " سمع الله لمن حمده "، قال الشاعر:
دعوت الله حتى خفت أن لا * يكون الله يسمع ما أقول قوله تعالى: (فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل) فيه خمسة أقوال:
أحدها: فما كانوا ليؤمنوا عند مجئ الرسل بما سبق في علم الله أنهم يكذبون به يوم أقروا له بالميثاق حين أخرجهم من صلب آدم، هذا قول أبي بن كعب.
والثاني: فما كانوا ليؤمنوا عند إرسال الرسل بما كذبوا به يوم أخذ ميثاقهم حين أخرجهم من صلب آدم، فآمنوا كرها حيث أقروا بالألسن، وأضمروا التكذيب، قاله ابن عباس، والسدي.
والثالث: فما كانوا لو رددناهم إلى الدنيا بعد موتهم ليؤمنوا بما كذبوا به من قبل هلاكهم، هذا قول مجاهد.
والرابع: فما كانوا ليؤمنوا بما كذب به أوائلهم من الأمم الخالية، بل شاركوهم في التكذيب، قاله يمان بن رباب.