والخامس: القضاء.
قوله تعالى: (حتى إذا جاءتهم رسلنا) فيهم ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم أعوان ملك الموت، قاله النخعي.
والثاني: ملك الموت وحده، قاله مقاتل.
والثالث: ملائكة العذاب يوم القيامة. وفي قوله: " يتوفونهم " ثلاثة أقوال:
أحدها: يتوفونهم بالموت، قاله الأكثرون.
والثاني: يتوفونهم بالحشر إلى النار يوم القيامة، قاله الحسن.
والثالث: يتوفونهم عذابا، كما تقول: قتلت فلانا بالعذاب، وإن لم يمت، قاله الزجاج.
قوله تعالى: (أين ما كنتم تدعون) أي: تعبدون (من دون الله)، وهذا سؤال تبكيت وتقريع. قال مقاتل: المعنى: فليمنعوكم من النار. قال الزجاج: ومعنى (ضلوا عنا): بطلوا وذهبوا، فيعترفون عند موتهم أنهم كانوا كافرين. وقال غيره: ذلك الاعتراف يكون يوم القيامة.
قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النار كلما دخلت أمة لعنت أختها حتى إذا اداركوا بعد فيها جميعا قالت أخراهم لأولاهم ربنا هؤلاء أضلونا فآتهم عذابا ضعفا من النار قال لكل ضعف ولكن لا تعلمون (38) قوله تعالى: (قال ادخلوا) إن الله تعالى يقول لهم ذلك بواسطة الملائكة، لأن الله تعالى لا يكلم الكفار يوم القيامة. قال ابن قتيبة: و " في " بمعنى: " مع ".
وفي قوله: (قد خلت من قبلكم) قولان:
أحدهما: مضت إلى العذاب.
والثاني: مضت في الزمان، يعني كفار الأمم الماضية.
قوله تعالى: (كلما دخلت أمة لعنت أختها) وهذه أخوة الدين والملة، لا أخوة النسب. قال ابن عباس: يلعنون من كان قبلهم. قال مقاتل: كلما دخل أهل ملة، لعنوا أهل ملتهم، فيلعن اليهود اليهود، والنصارى النصارى، والمشركون المشركين، والأتباع القادة، ويقولون: أنتم ألقيتمونا هذا الملقى حين أطعناكم. وقال الزجاج: إنما تلاعنوا، لأن بعضهم ضل باتباع بعض.
قوله تعالى: (حتى إذا اداركوا) قال ابن قتيبة: أي: تداركوا، فأدغمت التاء في الدال، وأدخلت الألف ليسلم السكون لما بعدها، يريد: تتابعوا فيها واجتمعوا.