قوله تعالى: (ولنبينه) يعني: التصريف (لقوم يعلمون) ما تبين لهم من الحق فيقبلوه.
أتبع ما أوحي إليك من ربك لا إله إلا هو وأعرض عن المشركين (106) ولو شاء الله ما أشركوا وما جعلناك عليهم حفيظا وما أنت عليهم بوكيل (107) قوله تعالى: (وأعرض عن المشركين) قال المفسرون: نسخ بآية السيف.
قوله تعالى: (ولو شاء الله ما أشركوا) فيه ثلاثة أقوال حكاها الزجاج:
أحدها: لو شاء لجعلهم مؤمنين.
والثاني: لو شاء لأنزل آية تضطرهم إلى الإيمان.
والثالث: لو شاء لاستأصلهم، فقطع سبب شركهم. قال ابن عباس: وباقي الآية نسخ بآية السيف.
ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون (108) قوله تعالى: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) في سبب نزولها قولان:
أحدهما: أنه لما قال للمشركين: (إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) قالوا:
لتنتهين يا محمد عن سب آلهتنا وعيبها، أو لنهجون إلاهك الذي تعبده، فنزلت هذه الآية، رواه أبو صالح عن ابن عباس.
والثاني: أن المسلمين كانوا يسبون أوثان الكفار، فيردون ذلك عليهم، فنهاهم الله تعالى أن يستسبوا لربهم قوما جهلة لا علم لهم بالله، قاله قتادة. ومعنى " يدعون ": يعبدون، وهي الأصنام. (فيسبوا الله) أي: فيسبوا من أمركم بعيبها، فيعود ذلك إلى الله تعالى، لا أنهم كانوا يصرحون بسبب الله تعالى، لأنهم كانوا يقرون أنه خالقهم، وإن أشركوا به.
وقوله تعالى: (عدوا بغير علم) أي: ظلما بالجهل. وقرأ يعقوب: " عدوا "، بضم العين والدال وتشديد الواو. والعرب تقول في الظلم: عدا فلان عدوا وعدوا وعدوانا. وعدا، أي: ظلم.
قوله تعالى: (كذلك قبل زينا لكل أمة عملهم) أي: كما زينا لهؤلاء المشركين عبادة الأصنام، وطاعة الشيطان، كذلك زينا لكل جماعة اجتمعت على حق أو باطل عملهم من خير أو شر. قال