يعني: أنهم يكذبون به ويعرضون عنه يريدون إبطاله بذلك. وقال الحسن وقتادة: نور الله: القرآن والإسلام. فأما تخصيص ذلك بالأفواه، فلما ذكرنا في الآية قبلها. وقيل: إن الله تعالى لم يذكر قولا مقرونا بالأفواه والألسن إلا وهو زور.
قوله تعالى: (ويأبى الله إلا أن يتم نوره) قال الفراء: إنما دخلت " إلا " هاهنا، لأن في الإباء طرفا من الجحد، ألا ترى أن " أبيت " كقولك: " لم أفعل "، فكأنه بمنزلة قولك: ما ذهب إلا زيد، قال الشاعر:
فهل لي أم غيرها إن تركتها * أبى الله إلا أن أكون لها ابنما وقال الزجاج: المعنى: ويأبى الله كل شئ إلا إتمام نوره. قال مقاتل: " يتم نوره " أي:
يظهر دينه.
هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون (33) قوله تعالى: (هو الذي أرسل رسوله) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (بالهدى) وفيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه التوحيد.
والثاني: القرآن.
والثالث: تبيان الفرائض. فأما دين الحق، فهو الإسلام. وفي قوله [تعالى]: (ليظهره) قولان:
أحدهما: أن الهاء عائدة على رسول الله، فالمعنى: ليعلمه شرائع الدين كلها، فلا يخفى عليه منها شئ، قاله ابن عباس.
والثاني: أنها راجعة إلى الدين. ثم في معنى الكلام قولان:
أحدهما: ليظهر هذا الدين على سائر الملل. ومتى يكون ذلك؟ فيه قولان:
أحدهما: عند نزول عيسى عليه السلام، فإنه يتبعه أهل كل دين، وتصير الملل واحدة، فلا يبقى أهل دين إلا دخلوا في الإسلام أو أدوا الجزية، قاله أبو هريرة، والضحاك.
والثاني: أنه عند خروج المهدي، قاله السدي.
والقول الثاني: أن إظهار الدين إنما هو بالحجج الواضحة، وإن لم يدخل الناس فيه.
* يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل