قوله تعالى: (وواعدنا موسى ثلاثين ليلة) المعنى: وعدناه انقضاء ثلاثين ليلة قال ابن عباس: قال موسى لقومه: إن ربي وعدني ثلاثين ليلة، فلما فصل إلى ربه زاده عشرا، فكانت فتنتهم في ذلك العشر. فإن قيل: لم زيد هذا العشر؟ فالجواب: أن ابن عباس قال: صام تلك الثلاثين ليلهن ونهارهن، فلما انسلخ الشهر، كره أن يكلم ربه وريح فمه ريح فم الصائم، فتناول شيئا من نبات الأرض فمضغه، فأوحى الله تعالى إليه: لا كلمتك حتى يعود فوك على ما كان عليه، أما علمت أن رائحة فم الصائم أحب إلي من ريح المسك؟ وأمره بصيام عشرة أيام. وقال أبو العالية: مكث موسى على الطور أربعين ليلة، فبلغنا أنه لم يحدث حتى هبط منه.
فإن قيل: ما معنى (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) وقد علم ذلك عند انضمام العشر إلى الثلاثين.
فالجواب من وجوه.
أحدها: أنه للتأكيد.
والثاني: ليدل أن العشر، ليال لا ساعات.
والثالث: لينفي تمام الثلاثين بالعشر أن تكون من جملة الثلاثين، لأنه يجوز أن يسبق إلى الوهم أنها كانت عشرين ليلة فأتمت بعشر. وقد بينا في (البقرة) لماذا كان هذا الوعد.
قوله تعالى: (وأصلح) قال ابن عباس: مرهم بالإصلاح. وقال مقاتل: ارفق.
ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين (143) قال يا موسى إني اصطفيتك على الناس برسالاتي وبكلامي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين (144) قوله تعالى: (ولما جاء موسى لميقاتنا) قال الزجاج، أي: للوقت الذي وقتنا له. (وكلمه ربه) أسمعه كلامه، ولم يكن بينه وبين الله عز وجل فيما سمع أحد. (قال رب أرني أنظر إليك) أي: أرني نفسك.
قوله تعالى: (قال لن تراني) تعلق بهذا نفاة الرؤية وقالوا: " لن " لنفي الأبد، وذلك غلط، لأنها قد وردت وليس لمراد بها الأبد في قوله: (ولن يتمنوه أبدا بما قدمت أيديهم) ثم أخبر عنهم بتمنيه في النار بقوله [تعالى]: (يا مالك ليقض علينا ربك)، ولأن ابن عباس قال في تفسيرها: لن