وعاصم، وابن عامر: " يلحدون " بضم الياء، وكذلك في سورة (النحل) و (السجدة). وقرأ حمزة: " يلحدون " بفتح الحاء والياء فيهن، ووافقه الكسائي، وخلف في [سورة] (النحل). قال الأخفش: ألحد ولحد: لغتان، فمن قرأ بهما أراد الأخذ باللغتين، فكأن الإلحاد: العدول عن الاستقامة. وقال ابن قتيبة: يجورون عن الحق ويعدلون، ومنه لحد القبر، لأنه في جانب. قال الزجاج: ولا ينبغي لأحد أن يدعوه بما لم يسم به نفسه، فيقول: يا جواد، ولا يقول: يا سخي، ويقول: يا قوي، ولا يقول: يا جلد، ويقول: يا رحيم، ولا يقول: يا رفيق، لأنه لم يصف نفسه بذلك. قال أبو سليمان الخطابي: ودليل هذه الآية أن الغلط في أسمائه والزيغ عنها إلحاد، ومما يسمع على ألسنة العامة قولهم: يا سبحان، يا برهان، وهذا مهجور مستهجن لا قدوة فيه، وربما قال بعضهم: يا رب طه ويس. وقد أنكر ابن عباس على رجل قال: يا رب القرآن. وروي ابن عباس أن إلحادهم في أسمائه أنهم سموا بها أوثانهم، وزادوا فيها ونقصوا منها، فاشتقوا اللات من الله، والعزى من العزيز، ومناة من المنان.
فصل - والجمهور على أن هذه الآية محكمة، لأنها خارجة مخرج التهديد، كقوله [تعالى]:
(ذرني ومن خلقت وحيدا)، وقد ذهب بعضهم إلى أنها منسوخة بآية القتال، لأن قوله [تعالى]: (وذروا الذين يلحدون في أسمائه) يقتضي الإعراض عن الكفار، وهذا قول ابن زيد.
وممن خلقنا أمة يهدون بالحق وبه يعدلون (181) قوله تعالى: (وممن خلقنا أمة يهدون بالحق) أي: يعملون به، (وبه يعدلون) أي:
وبالعمل به يعدلون. وفيمن أريد بهذه الآية أربعة أقوال.
أحدها: أنهم المهاجرون والأنصار والتابعون بإحسان من هذه الأمة، قاله ابن عباس. وكان ابن جريج يقول: ذكر لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " هذه أمتي، بالحق يأخذون ويعطون ويقضون).
وقال قتادة: بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تلا هذه الآية قال: " هذه لكم وقد أعطي القوم مثلها " ثم يقرأ: (من قوم موسى أمة يهدون بالحق وبه يعدلون).