على أنفسكم، إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا ". وفي الاعتداء المذكور هاهنا قولان:
أحدهما: أنه الاعتداء في الدعاء. ثم فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أن يدعو على المؤمنين بالشر، كالخزي واللعنة، قاله سعيد بن جبير، ومقاتل.
والثاني: أن يسأل مالا يستحقه من منازل الأنبياء، قاله أبو مجلز.
والثالث: أنه الجهر في الدعاء، قاله ابن السائب.
والثاني: أنه مجاوزة المأمور به، قاله الزجاج.
ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين (56) قوله تعالى: (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها) فيه ستة أقوال:
أحدها: لا تفسدوها بالكفر بعد إصلاحها بالإيمان.
والثاني: لا تفسدوها بالظلم بعد إصلاحها بالعدل.
والثالث: لا تفسدوها بالمعصية بعد إصلاحها بالطاعة.
والرابع: لا تعصوا، فيمسك الله المطر، ويهلك الحرث بمعاصيكم بعد أن أصلحها بالمطر والخصب.
والخامس: لا تفسدوها بقتل المؤمن بعد إصلاحها ببقائه.
والسادس: لا تفسدوها بتكذيب الرسل بعد إصلاحها بالوحي.
وفي قوله (واعوه خوفا وطمعا) قولان:
أحدهما: خوفا من عقابه، وطمعا في ثوابه.
والثاني: خوفا من الرد وطمعا في الإجابة.
قوله تعالى: (إن رحمة الله قريب من المحسنين) قال الفراء: رأيت العرب تؤن القريبة في النسب، لا يختلفون في ذلك، فإذا قالوا: دارك منا قريب، أو فلانة منا قريب، ومن القرب والبعد، ذكروا وأنثوا، وذلك أنهم جعلوا القريب خلفا من المكان، كقوله: (وما هي من الظالمين ببعيد)، وقوله تعالى: (وما يدريك لعل الساعة تكون قريبا)، ولو أنث ذلك لكان صوابا.