النهي وما يضارعه.
والثاني: أنها نهي محض، معناه: لا يقصدن الظالمون هذه الفتنة، فيهلكوا، فدخلت النون لتوكيد الاستقبال، كقوله [تعالى]: " لا يحطمنكم ". وللمفسرين في معنى الكلام قولان:
أحدهما: لا تصيبن الفتنة الذين ظلموا.
والثاني: لا يصيبن عقاب الفتنة. فإن قيل: فما ذنب من لم يظلم؟ فالجواب: أنه بموافقته للأشرار، أو بسكوته عن الإنكار، أو بتركه للفرار، استحق العقوبة، وقد قرأ علي، وابن مسعود، وأبي بن كعب " لتصيبن الذين ظلموا " بغير ألف.
واذكروا إذ أنتم قليل مستضعفون في الأرض تخافون أن يتخطفكم الناس فآواكم وأيدكم بنصره ورزقكم من الطيبات لعلكم تشكرون (26) قوله تعالى: (واذكروا إذ أنتم قليل) قال ابن عباس: نزلت في المهاجرين خاصة، كانت عدتهم قليلة، وهم مقهورون في أرض مكة، يخافون أن يستلبهم المشركون. وفي المراد بالناس ثلاثة أقوال:
أحدها: أنهم أهل مكة، قاله ابن عباس.
والثاني: فارس والروم، قاله وهب بن منبه.
والثالث: أنهم المشركون الذين حضروا بدرا، والمسلمون قليلون يومئذ، قاله قتادة.
قوله تعالى: (فآواكم) فيه قولان:
أحدهما: فآواكم إلى المدينة بالهجرة، قاله ابن عباس، والأكثرون.
والثاني: جعل لكم مأوى تسكنون فيه آمنين، ذكره الماوردي.
وفي قوله [تعالى]: (وأيديكم بنصره) قولان:
أحدهما: قواكم بالملائكة يوم بدر، قاله الجمهور.
والثاني: عضدكم بنصره في بدر وغيرها، قاله أبو سليمان الدمشقي. وفي قوله [تعالى] (ورزقكم من الطيبات) قولان:
أحدهما: أنها الغنائم التي أحلها لهم، قاله السدي.
والثاني: أنها الخيرات التي مكنهم منها، ذكره الماوردي.
يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون (27)