قوله تعالى: (ليميز الله الخبيث من الطيب) قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وابن عامر " ليميز " خفيفة. وقرأ حمزة، والكسائي " ليميز " بالتشديد وهما لغتان: مزته وميزته وفي لام " ليميز " قولان:
أحدهما: أنها متعلقة بقوله تعالى: (فسينفقونها) قاله ابن الأنباري.
والثاني: أنها متعلقة بقوله: (إلى جهنم يحشرون) قاله ابن جرير الطبري. وفي معنى الآية ثلاثة أقوال:
أحدها: ليميز أهل السعادة من أهل الشقاء، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وقال السدي، ومقاتل: يميز المؤمن من الكفار.
والثاني: ليميز العمل الطيب من العمل الخبيث، قاله أبو صالح عن ابن عباس.
والثالث: ليميز الإنفاق الطيب في سبيله، من الانفاق الخبيث في سبيل الشيطان، قاله ابن زيد، والزجاج.
قوله تعالى: (ويجعل الخبيث بعضه على بعض) أي: يجمع بعضه فوق بعض، وهو قوله تعالى: (فيركمه). قال الزجاج: الركم: أن يجعل بعض الشئ على بعض، يقال: ركمت الشئ أركمه ركما، والركام: الاسم، فمن قال: المراد بالخبيث: الكفار، فإنهم في النار بعضهم على بعض، ومن قال: أموالهم، فله في ذلك قولان:
أحدهما: أنها ألقيت في النار ليعذب بها أربابها، كما قال تعالى: (فتكوى بها جباههم).
والثاني: أنهم لما عظموها في الدنيا، أراهم هوانها بإلقائها في النار كما تلقى الشمس والقمر في النار، ليرى من عبدهما ذلهما.
قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وإن يعودوا فقد مضت سنت الأولين (38) قوله تعالى: (قل للذين كفروا) نزلت في أبي سفيان وأصحابه، قاله أبو صالح عن ابن عباس. وفي معنى الآية قولان:
أحدهما: إن ينتهوا عن المحاربة يغفر لهم ما قد سلف من حربهم، فلا يؤاخذون به، وإن يعودوا إلى المحاربة، فقد مضت سنة الأولين في نصر الله أولياءه، وقيل: في قتل من قتل يوم بدر وأسر.
والثاني: إن ينتهوا عن الكفر، يغفر لهم ما قد سلف من الإثم، وإن يعودوا إليه، فقد مضت سنة الأولين من الأمم السالفة حين أخذوا بالعذاب المستأصل. قال يحيى بن معاذ في هذه الآية: إن