مبعثهم مطاعين في قومهم، لأن الطعن كان يتوجه عليهم، فيقال: إنما كانوا رؤساء فاتبعوا، فكان الله اعلم حيث جعل الرسالة ليتيم أبي طالب، دون أبي جهل والوليد، وأكابر مكة.
قوله تعالى: (سيصيب الذين أجرموا صغار) قال أبو عبيدة: الصغار: أشد الذل. وقال الزجاج: المعنى: هم، وإن كانوا أكابر في الدنيا، فسيصبهم صغار عند الله، أي: صغار ثابت لهم عند الله. وجائز أن يكون المعنى: سيصيبهم عند الله صغار، وقال الفراء: معناه: صغار من عند الله، فحذفت " من ". وقال أبو روق: صغار في الدنيا: وعذاب شديد في الآخرة.
فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما يصعد في السماء كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون (125) قوله تعالى: (فمن يرد الله أن يهديه) قال مقاتل: نزلت في رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي جهل.
قوله تعالى: (يشرح صدره) قال ابن الأعرابي: الشرح: الفتح. قال ابن قتيبة: ومنه يقال:
شرحت لك الأمر، وشرحت اللحم: إذا فتحته. وقال: ابن عباس: " يشرح صدره " أي: يوسع قلبه للتوحيد والإيمان. وقد روى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ: " فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام)، فقيل له: يا رسول الله، وما هذا الشرح؟ قال: " نور يقذفه الله في القلب، فينفتح القلب ". قالوا: فهل لذلك من أمارة؟ قال: " نعم ". قيل: وما هي؟ قال: " الإنابة إلى دار الخلود، والتجافي عن دار الغرور، والاستعداد للموت قبل نزوله ".
قوله تعالى: (ضيقا) قرأ الأكثرون بالتشديد. وقرأ ابن كثير: " ضيقا "، وفي (الفرقان):
(مكانا ضيقا) بتسكين الياء خفيفة. قال أبو علي: الضيق، والضيق: مثل الميت، والميت.
قوله تعالى: (حرجا) قرأ ابن كثير، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: (حرجا) بفتح الراء. وقرأ نافع، وأبو بكر عن عاصم: بكسر الراء، قال الفراء: وهما لغتان. وكذلك قال يونس بن حبيب النحوي: هما لغتان، إلا أن الفتح أكثر من ألسنة العرب من الكسر، ومجراهما مجرى الدنف والدنف. وقال الزجاج: الحرج في اللغة: أضيق الضيق.
قوله تعالى: (كأنما يصاعد) قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وحمزة، والكسائي:
" يصعد " بتشديد الصاد والعين وفتح الصاد من غير ألف. وقرأ أبو بكر عن عاصم: " يصاعد " بتشديد الصاد وبعدها ألف. وقرأ ابن كثير: " يصعد " بتخفيف الصاد والعين من غير ألف والصاد ساكنة، وقرأ